ناقشت الدورة الـ42 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي تستمر حتى 27 سبتمبر الحالي، في جلستها التي عقدتها أمس في جنيف، تقرير فريق الخبراء الدولي بشأن اليمن، والذي وقع كعادته في كثير من المغالطات، حسب ما يؤكده الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان العربية بجامعة الدول العربية الدكتور هادي اليامي، الذي فند التقرير، ووقف على المغالطات القانونية التي تضمنها والتي جاءت غير متسقة مع معطيات الواقع والحقائق.

مجافاة الحقائق

يؤكد اليامي أنه «مرة أخرى عاد فريق الخبراء الدولي في اليمن إلى الوقوع في نفس الخطأ الذي وقع فيه العام الماضي، بإصداره تقريرا ضعيفا يتناقض مع معطيات الواقع ويتنافى مع الحقائق التي يدركها الجميع، حيث جاء تقريره هذه المرة مليئا بالسقطات القانونية التي تكشف ضعف التقرير وعدم الالتزام بالإجراءات المهنية الواجب توفرها عند إعداد مثل تلك التقارير وفقا للمبادئ التوجيهية الدولية، وفي مقدمتها احترام الولاية وحتمية البحث عن الحقائق المجردة، والتحلي بالشفافية والنزاهة، واعتماد الحيادية والتحلي بمبدأ حسن التقدير والمصداقية، وعدم استقاء المعلومات من أي من أطراف الأزمة أو من جهة مجهولة، وضرورة توثيق المعلومات والتثبت منها، وهو ما لم يتوفر للفريق ولم يبذل جهدا في سبيل القيام به، حيث اعتمد على أطراف ذات صلة بالأزمة، وعلى وسائل إعلام ذات أجندة معلومة، ومنظمات غير حكومية مشبوهة تعمل وفق أجندات خاصة، وعلى أطراف أخرى مجهولة لم تتم الإشارة إليها، لذلك جاء التقرير متهالكا في منهجيته، وضعيفا في صياغته، ومليئا بالمغالطات والاتهامات غير المسنودة بأدلة واضحة».

ضعف مهني

يصف اليامي التقرير بأنه «ضعيف مهنياً»، ويقول «أكبر الأدلة على الضعف المهني الذي يعاني منه التقرير هو تجاهله للمهمة والولاية القانونية التي كلف بها فريق العمل وعدم التقيّد بالحد الذي تنتهي عنده صلاحيتهم، فالفريق ليس معنيا أو مخولا بتوجيه الإدانة لأي طرف، ولا يملك الحق في ذلك، بل إن دوره الرئيس يقتصر على فحص الانتهاكات، وتحديد ماهيتها وتواريخ وأماكن وقوعها، بعيدا عن أي تفاصيل أخرى، لكن الفريق تجاهل كل ذلك، ونصَّب نفسه قاضيا يحدّد المذنب والضحية، ويصدر الأحكام القاطعة، ويحدد المسؤوليات الجنائية، والأطراف المتورطة، وهو بذلك خالف قرار تشكيله، وارتدى ثوبا ليس له، وهو ما لا يتسق مع طبيعة ومهمة الفريق، لذلك لم يكن غريبا أن يأتي التقرير بذلك الضعف، ويحتوي على تلك الأخطاء والتجاوزات، فكان ساعيا إلى تثبيت الأفكار التي تكونت عند الفريق بشكل مسبق، وهدف إلى إيقاع التحالف في دائرة الاتهام والإدانة.

تجاهل تام

شدد اليامي على أن أشد ملامح ضعف التقرير تكمن في تجاهله التام للجهود الكبيرة التي يقوم بها التحالف خلال عملياته، وقال «تجاهل التقرير جهود التحالف التي تركز على التأكد من عدم تأثر المدنيين بأي أضرار، وهي جهود ثابتة أشارت إليها عدد من الدول الكبرى، وأكدها الواقع، وأثبت التحالف بالأدلة والمستندات في مؤتمرات صحفية إلغاء عدد من العمليات التي كانت ستحقق تقدما عسكريا كبيرا وتقدما مهما لقواته، بعد ثبوت أن المناطق المراد استهدافها تعج بالمدنيين، ليس ذلك فحسب، بل إن التحالف يعمل بشكل مستمر على تقديم مساعدات مادية كبيرة للمدنيين الذين تلحق بهم أضرار مادية نتيجة لأخطاء غير مقصودة تصاحب تلك العمليات، وهذا نهج يدل على رغبة قوية في عدم إلحاق الضرر بالمدنيين أو ممتلكاتهم، رغم أن المناطق التي تشهد أي عمليات عسكرية عادة ما تقع فيها أضرار جانبية».

وأضاف «قيادة التحالف تحلت بالشجاعة وسبق لها إعلان التحقيق مع بعض الأفراد الذين دارت حولهم اتهامات بارتكاب انتهاكات ومخالفات فردية، وهي بهذه الشفافية تؤكد عدم تسامحها مع أي مخالفة للأوامر والتعليمات المتعلقة بقواعد الاشتباك المرعية، أو تجاوز للقانون الدولي والإنساني».

جريمة الحوثي

أوضح اليامي أن التقرير تجاهل الجرائم التي يرتكبها الحوثي بصفة مستمرة، وأوضح «ترتكب ميليشيات الحوثي جرائم بتمترسها بالمدنيين واتخاذهم دروعا بشرية، وسبق لبعض منظمات الأمم المتحدة وهيئاتها أن أكدت من قبل أن الجماعة الانقلابية تشكل خطرا داهما على المدنيين بتحويلها المدارس والمستشفيات ودور العبادة قواعد عسكرية لقواتها، ومخازن لأسلحتها».

وتابع «مع أن كافة المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية أدانت الاعتداءات التي ترتكبها الجماعة الانقلابية بحق المدنيين في المدن والقرى الحدودية السعودية، واعتداءاتها عليهم بالصواريخ الباليستية الإيرانية، إلا أن التقرير تجاهل ذلك، ولم يشر إليها، وركز كل جهوده على توجيه الإدانات المغرضة لقوات التحالف، بل إن التقرير لم يوجّه الإدانة الكافية للدور الإيراني، المتمثل في تزويد المتمردين بكافة أدوات الموت ووسائل الدمار».

استهداف التحالف

يؤكد اليامي أن التقرير بما فيه من إجحاف يعد محاولة أخرى من محاولات استهداف التحالف، ومجدر انطوائه على هذا الاستهداف يطعن في مصداقيته، ويقول «لن يكفي المجال لسرد الأخطاء الشنيعة التي وقع فيها التقرير، فهي أكثر من أن تحصر، ولن يكون هذا التقرير آخر محاولات الاستهداف الموجهة للتحالف بقيادة المملكة وهو ما يقوض أحد مرتكزات إعداد التقارير التي اعتمدتها الآليات الدولية والإقليمية في نطاق عملها في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان، فالنهج الخاطئ الذي يتبعه المبعوث الدولي لليمن مارتن جريفيث أتاح المجال أمام هذه التجاوزات، نتيجة لتعامله السالب مع الأزمة، وعدم امتلاكه القدرة أو الرغبة في تحديد الجهة المتسببة في استمرار المأساة التي يعيشها الشعب اليمني، وإصراره على إمساك العصا من المنتصف، وسياسة اللين المبالغ فيها التي يتبعها مع الإنقلابيين، وغضه الطرف عن اعتداءاتهم المتكررة على المنظمات الإنسانية والجهات المانحة ومصادرتهم لمواد الإغاثة وتجييرها لمصلحتهم، بل إن جريفيث تمسك في أكثر من إفادة له أمام مجلس الأمن الدولي باستعمال لغة مائعة وأحجم عن توجيه اللوم للانقلابيين، وبذلك حال دون أن يتخذ أعضاء المجلس إجراءات بحقهم».

جزرة وعصا

فيما يتعلق بالدور الذي يقدمه جريفيث والأمم المتحدة في اليمن، قال اليامي «أبجديات الوساطة الناجحة تقتضي استعمال الجزرة والعصا بتوازن تام، والإسراف في استخدام أي منهما دون الآخر يؤدي إلى خلل كبير، لذلك فإن الطريقة التي تتبعها الأمم المتحدة في اليمن، والأسلوب الذي تتعاطى به مع الأزمة يسهم للأسف في تأجيجها واستمرارها، عبر تشجيع الانقلابيين على مواصلة انتهاكاتهم بحق المدنيين، ويحرضهم على التعنت، وهو ما قد يوحي إليهم بوجود دعم دولي لهم أو اعتراف ضمني بسلطاتهم».

وعن موقف المملكة حيال ممارسات المنظمة الدولية ومبعوثها إلى اليمن، قال اليامي «أيا كانت طريقة التعامل الدولي، فإن المملكة تتشبث بقناعاتها، وتتمسك بمراعاة القوانين الدولية، وتهتم بمراعاة حقوق الإنسان، مراعاة لثقلها الدولي ومكانتها المتميزة، لن يثنيها عن ذلك مزاعم باطلة، أو شعارات زائفة، أو تصريحات مشبوهة وتقارير معلومة الدوافع والأهداف».

التحالف: التقرير اعتمد على معلومات مضللة

رد تحالف دعم الشرعية في اليمن على تقرير =الخبراء الدوليين بشأن الوضع وحقوق الإنسان في اليمن، منتقداً إياه، معتبراً أنه «اعتمد على معلومات مضللة قدمت من أطراف مجهولة»، كما اعتمد على منظمات غير موثوقة ووسائل إعلام.

وشدد التحالف على أن فريق الخبراء الدوليين يستند في تقاريره على ادعاءات ومزاعم ليس لها أساس من الصحة. كما اعتبر أن تقرير الخبراء الدوليين الحالي هو «استمرار للمغالطات الواردة في تقريره العام الماضي».

وأكد المتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي أن التحالف «سيقدم لاحقاً رداً قانونياً مفصلا على تقرير الخبراء الدوليين»، مؤكداً أن التحالف «يحقق ويحاكم من تثبُت إدانته بأي انتهاكات في اليمن». كما شدد على استمرار التعاون بين التحالف وأجهزة الأمم المتحدة المعنية بالنزاع في اليمن.

ولفت المالكي إلى أن «المراجعة الأولية للتقرير كشفت عن أنه يقوم على عدد من الافتراضات غير الصحيحة من قبل فريق الخبراء»، مؤكداً أن «تحالف دعم الشرعية في اليمن ملتزم بشكل كامل بأن تكون عملياته العسكرية متوافقة مع قواعد القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان».

ملاحظات نقدية على التقرير

تعامل مع التحالف الذي يضم ثلاثة أطراف كوحدة واحدة رغم أن الحكومة اليمنية هي التي لديها قوات فعلية داخل اليمن.

كان عليه التمييز بين الأطراف ونسب الانتهاكات إلى مرتكبيها مباشرة، فمثلا كيف يعقل أن ترتكب قوات السعودية مخالفة تجنيد الأطفال.

هناك تناقض في التوصيات بين دعم المبعوث والوصول إلى تسوية ووقف القتال، ومن ناحية أخرى ترشيد القتال وعقلنته.

الفريق نفسه يوصي بالتجديد لولايته بدلا من ترك الأمر للجهة المنشئة.

لم يوضح التقرير كيفية تكييفه للانتهاكات وأنها تنتهك حقا محددا

عيوب قانونية

لم يتضمن التقرير توصيات دقيقة بل جاءت عامة وغير قابلة للقياس والمتابعة

حمّل في موضوع التجويع والتسلح للطرفين نفس المسؤولية والوزن رغم اختلاف طريقة تعامل التحالف عن الحوثي، الأول كدولة والثاني مجموعة متمردة.

القرار المنشأ رقم (31 / 36) أنشأ فريق خبراء للفحص وليس سلطة تحقيق في الانتهاكات والجرائم كما يتضح من استنتاجات وتوصيات التقرير.

منذ 2014 وتحديدا عامي 2018 و2019 وتقرير الخبراء يحاول تكريس فكرة واحدة هي إدانة التحالف بقيادة المملكة.

المبادئ التوجيهية لإعداد التقارير

- احترام الولاية وحتمية البحث عن الحقائق المجردة

- التحلي بالشفافية والنزاهة

- اعتماد الحيادية والتحلي بمبدأ حسن التقدير والمصداقية

- عدم استقاء المعلومات من أي من أطراف الأزمة أو من جهة مجهولة

- ضرورة توثيق المعلومات والتثبت منها

- أدلة تجاهل الفريق لمهمته وولايته القانونية

- ليس معنيا أو مخولا بتوجيه الإدانة لأي طرف

- لا يملك الحق في إدانة أي جهة

- دوره الرئيس يجب أن يقتصر على فحص الانتهاكات

- نصَّب نفسه قاضيا يحدّد المذنب والضحية

- أصدر أحكاما قاطعة وحدد المسؤوليات الجنائية والأطراف المتورطة