لكل ذي نفسٍ وطن ومأوى، والوطن منزل إقامة الإنسان ومقره، والمواطنة من المفاعلة بالاستيطان وحقوقه للناس، والوطنية هي العاطفة التي تُعبر عن الولاء للوطن وواجبنا تجاهه، وقيام المواطن بحقوق وطنه.

والنبي عليه الصلاة والسلام قال في حق مكة عند هجرته منها: «ما أطيبك من بلدةٍ وأحبك إليّ ولولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك».

ولأن حب الوطن غريزة وجبلة فقد دعا نبينا عليه الصلاة والسلام ربه بأن يرزقه حب المدينة لما انتقل إليها، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد»، ومن محبة الإنسان لوطنه أنه يتتبع أخباره، ومن ذلك فعل النبي حينما سأل أصيل الغفاري عن مكة لما قدم عليه في المدينة فقال له: «يا أصيل كيف عهدت مكة؟» قال: «والله عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، وأغدق اذخرها، وأسلت ثمامها، وأمش سمها»، فقال له النبي: «حسبك يا أصيل لا تحزنا»؛ لأنه يحب وطنه مكة ويحزن على ما ذكره أصيل عنها.

فهذا قدوتنا عليه الصلاة والسلام، وفيه دليل على محافظة الإسلام على الفطرة وإتمامها وليس إنكارها أو الاستحياء منها، وإنما بحبها وولائها ولوازمهما من خدمة وأمانة وإخلاص، وهذا موقفه عليه الصلاة والسلام من مكة وهي بلد شرك حينها قبل الفتح، فكيف بمن وطنه إسلامي وأهلها مسلمون، فضلاً عن تطبيق الشريعة الإسلامية فيه، ناهيك عن كونه بلاد الحرمين الشريفين؟!.