بين فترة وأخرى تصدمنا مشاهد مؤسفة وغير مألوفة لا تعكس طبيعة مجتمعنا السعودي المتدين بفطرته، ولا تعكس أصالته وقيمه، أبطالها أناس يبدو لي أنهم يملكون مفهوما خاطئا لمعنى «الحرية».

تذكرت لقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز مع رجال الإعلام مؤخراً، وما تضمنه من توجيهات سديدة حول أهمية إبراز مكانة السعودية وجهودها، وتذكرت حديثي مع أحد الأصدقاء حين تجاذبنا أطرافه لساعات طوال في الرياض حول التغيرات الكبيرة التي تشهدها بلادنا، وقد توقفنا عند الخطوات الكبيرة الإيجابية التي تتحقق بفضل الله أولا ثم بفضل رعاية ومتابعة ولاة أمرنا، وجهود الرجال المخلصين في وطننا الكبير، وبدون أدنى شك كان لرؤية 2030 جزء من الحديث بيننا، حيث استعرضنا الآمال الكبيرة التي تنتظر أجيال الوطن القادمة في مستقبلهم الواعد.

ولم يكن لنا لنغادر مكاننا وينتهي الحديث بيننا دون أن نتحاور حول السلوكيات المستهجنة المصاحبة لهذه التغيرات التي تصدر من بعض الشباب من الجنسين، وتصدمنا في كثير من الأحايين، وتتحول إلى هشتاقات مستفزة، وهي سلوكيات لستُ متفقاً مع أصحابها؛ لأنها مسيئة للمجتمع، وتناولنا لها كان من أجلِ مخاطبة الوعي المجتمعي للحد منها والوقوف في وجهها حتى لا تتشوه صورتنا أمام الآخرين خاصةً في ظل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المفتوح الذي جعل العالم «قرية صغيرة» كما قال ماكلوهان، هذا أولا، وثانياً ليفهم جيل الشباب من الجنسين الذين تصدر منهم هذه السلوكيات والتصرفات الشوهاء أن التغيرات التي تحدث في بلادنا «لا تعني الانقلاب على الأخلاقيات ولا التمرد على القيم ولا التجاوز على مبادئ المجتمع المحافظ ولا التعدي على الثوابت الدينية التي يؤمن بها المجتمع، ولا تعني أن الوطن قد تخلى عن مبادئه أو غيّر قيمه أو بدّل ثوابته» فلا يوجد في بلادنا مسؤول واحد يؤيد الخروج على مبادئ المجتمع أو يرضى بمصادمة قيمه الدينية والوطنية والمجتمعية والأخلاقية بسلوكيات غير مسؤولة، قد تصدر من أي شخص قد يظن أن هذه التغييرات التي تحصل في المجتمع، وما يمر به البلد من تحولات، تسمح له بتجاوز قوانين المجتمع وآدابه وأخلاقياته، وتبيح له تجاوز ضوابطه المنظمة لأشكال الحياة وفق تعاليم الدين وعادات المجتمع السعودي، والتعدي على ثوابت ومبادئ المجتمع وقيمه في فهم خاطئ لمعنى «الحرية» كما فهمها المسيئون الذين جهلوا أن التغيرات التي تحدث بشكل متسارع لا تعني بأي حال من الأحوال أن يتصرفوا بطريقة مشوهة، هؤلاء يجب عليهم أن يدركوا عواقب تصرفاتهم، وإلا فهناك قوانين لضبط السلوكيات وحفظ الآداب العامة وضعتها الدولة وهي كفيلة بردع كل متجاوز لها وزجره فالوطن أهم منهم.

ولهذا أود أن يفهم شبابنا من الجنسين أن بلادهم التي ستستقبل العام المقبل «قمة العشرين» وتعيش عقودا زاهية مزدهرة بالأمن والقوة والاقتصاد والاستقرار، وموعودة بمستقبل مشرق بدأنا نشهد إرهاصاته تلوح في الأفق، وأعطت المرأة حقوقها التي تبحث عنها في ضوء الشرع الحكيم، وسمحت لها بقيادة السيارة، وعملت على تمكينها في كل المجالات والوظائف، وأزاحت من أمامها الكثير من العوائق، ووضعتها في مكانة تمكنها من مشاركة شقيقها الرجل في كل ميدان، أنها منذ قيامها ووحدة كيانها على يد المؤسس ثم قادَ البلاد من بعده الملوك البررة من أبنائه إلى عهد سيدي والد الشعب الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، وبلادنا تستند إلى منهج راسخ قويم دستوره «القرآن الكريم والسنة المطهرة» لن تتزحزح عنهما قيد أنملة، ولن تسمح لكائن من كان تجاوز ثوابتها، وهي ماضية إلى أن ترسخ أقدامها في كل الميادين الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والعسكرية بتوفيق الله، ثم بفضل الخطوات المدروسة في هذه المجالات، وباعتمادها على شبابها قادة المستقبل، كما أن لها مكانة دينية فهي قبلة المليار مسلم، وشرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين.

من هنا فإن على أبنائها أن يعرفوا مكانة بلادهم وأن يسعوا للمحافظة عليها وأن يظهروا بالمظهر اللائق بما يعكس توجهها ومكانتها ونظرة العالم لها وأن يتمسكوا بالفضائل والمبادئ والقيم الدينية والأخلاقية والوطنية فهي من صميم ثوابت المواطن السعودي المسلم الصادق.

ونحن بفضل من الله لدينا إرث كبير من المواقف والأخلاقيات المستمدة من ديننا وعاداتنا وتقاليدنا، ولدينا هوية عظيمة قد يحاول بعضهم التقليل منها أو تمييعها بحجة العولمة، هوية دينية وأخلاقية واجتماعية وثقافية، تجعل المواطن السعودي يعتز بها ويفاخر، وما دام متمسكا بها فلن تهزمه تيارات الأخلاقيات المستوردة، ولا موجات التقاليع الوافدة مهما اندمج مع هويات الآخرين وتثاقف معهم وأخذ منهم ما يستقيم مع هويته، فليكن أبناء وبنات الوطن على قدر من المسؤولية التي حملّتهم الدولة من خلال تلك الإصلاحات.