في المجمل لاعلاقة وطيدة بين المسميات الأربعة أعلاه، ولكن دعونا نجد الرابط بينها. فإن تذكرنا أن من إثبات نسب الابن لأبيه وأمه هو تحليل الـ D.N.A، فماذا يثبت الـ D.N.A كذلك، إن تم تحليله بشكل واسع النطاق في المعامل المتطورة حول العالم؟

معروف أن هذه المعامل حاليا تستطيع تحديد المكان الذي ولدت به، إذ تقوم بربط العناصر الموجودة بجسدك، بالعناصر الموجودة في أي تربة حول العالم، وبهذا يتم تحديد أصولك المكانية من خلال الأرض التي ولدت عليها أنت وأجدادك، حتى وإن كنتم خليطا من الأراضي، فستكون هناك نسبة تطغي في الجسد لأكثر الأماكن التي (تمرغ) بها أجدادك.

وبالحديث عن الأجداد، فبما أنهم ذوو لغة أوضح من لغتنا المتداخلة حاليا، فحين يقول لصاحبه متى سنعود إلى البلاد؟ فإنه يقصد بـ (البلاد) المكان الذي هو مسقط رأسه، ويحوي أهله وجماعته، وكذلك يطلقون على الأماكن التي قاموا باستصلاحها والعناية بها (الأوطان).

فمنذ فترة ما قبل توحيد المملكة العربية السعودية، يعترف أجدادنا بأن هذه الديار هي أوطانهم وبلادهم.

ما دام أن الجسد -شئنا أم أبينا- يظهر اعترافا بأن أصولنا الوطن، ودماءنا التي تجري بعروقنا أصلها مما سالت به (ساقية) الماء التي تجري في بلاد أجدادنا، الذين تغذوا مما أنبتت لهم أرض هذه الأوطان، التي كبرت حتى أصبحت وطناً واحداً، ينتج المزارع الجنوبي منه فواكه لتصل إلى أيدي طفل من شمال وطننا، عبر شبكة من المواصلات، تنبض بالحركة المتواصلة بين أقطار وطننا، كما تنبض شرايين أبنائه.

هنا مما ذكر أعلاه أصبحنا «ملخبطين» أكثر، ولكننا نتفق على أن الوطن تدخل في كل جزء مما ذكر أعلاه، وأنه الرابط بين كلمات عنوان هذا المقال.

فلا السفر ولا الغربة، ولا المغريات ولا حتى الظروف القاسية، تجعلنا نستطيع أن ننكر والدينا، لأننا لا نستطيع إنكار أصولنا مهما وصلت بنا المستويات العلمية في علم الأجنة والوراثة.

فكيف لو حاولنا إنكار ما اختلط به D.N.A أجسادنا من عناصر تربته، عناصر طينه ومائه، عناصر ما قد امتلأت تربته برفات من قد قاموا على حمايته، حتى بقي محفوظا لنا بحفظ الله.

بالتأكيد... إننا لن نستطيع إنكار الوطن ما دامت عقولنا تعمل، أما لو هربنا من عقولنا فحينها قد تحصل الخيانة وعدم الوفاء، كما يحصل لمن خان وطنه، وهذا لن يجعله أكثر وفاء لأبيه وأمه وأجداده.

نظرة للسماء: إن طلب منك إثبات وطنيتك، فقل لي عقل، علما بأن الطبيعة لم تجعل في جسدي عناصر غير عناصر وطني.