مستمرون في كتابة فصول تاريخنا وحضارتنا وصناعتنا وتعليمنا بيد الآباء والأبناء والأحفاد، لا نتوقف أبدا. نصنع القصص ونروي الأحداث، ونلهم الأجيال والعالم بملحمة اسمها الوطن ووفاء المواطن. لا نساوم على ديننا الذي هو مصدر تشريعنا، ولا على طاعة ولاة الأمر الذين هم صمام أمان واستقرار وطننا، مستمدين عطاءنا وقوتنا وتوكلنا من ربنا، سبحانه وتعالى. نسعد بيومنا الوطني لتوحيد المملكة الذي يوافق 23 سبتمبر من كل عام. وهذا التاريخ يعود إلى المرسوم الملكي الذي أصدره الملك عبدالعزيز -رحمه الله- برقم 2716، وتاريخ 17 جمادى الأولى عام 1351، الذي قضى بتحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى (المملكة العربية السعودية)، وولادة تاريخ جديد بمقومات أبنائه، فلا يوجد خبير إستراتيجي أو مفكر يحمل تحليلا عميقا لواقعنا المعاش، إلا وقد قرأ التاريخ وفهم الأحداث التي دارت فيه، خاصة في منطقتنا العربية. فهذه القراءة تزودنا بمنطق فهم الأحداث والسياق الذي رسمت فيه، وتستكشف لنا أسباب صناعة التاريخ والقوة، وأيضا عناصر الضعف ومسببات الانهزام، فتاريخ الأمم له بذور نشأته وظروف وجوده، وتمكن أي حضارة أو أمة من مواجهة الأحداث، يفسر لنا فهمها للواقع وتوجيه بوصلتها الفكرية بمنهجية السياسة الرصينة التي لا تلتف إلا إلى مصالحها العليا واستقرارها ورفاه شعوبها. ونجد أن هذا الأمر هو ديدن سياسة المملكة العربية السعودية منذ بدايتها حتى وقتنا الحاضر، فعبر تاريخها قد صنعت لنفسها مكانة في قلوب شعبها، وقلوب كثير من أبناء المنطقة والعالم، وجعلت كثيرا من الأعداء يخسرون رهاناتهم في صمود المملكة، أو اهتزازا في رؤيتها أو تغيير مسارها في بناء السلام، وجمع شمل العرب. فالوطن كسب الرهان كعادته وأثبت عبر سياسته الهادئة والمتزنة والمصحوبة بالثقة، استمراره في العطاء والتجدد. رغم الأزمات التي تمر بمنطقتنا العربية، إلا أننا نعيش فصلا من فصول مسيرتنا، بتجدد وعطاء، نستذكر كلمات خالدة للملوك السابقين، ورموز الدولة الذين صنعوا الأثر الخالد، ليفخر المواطن والوطن ببعضهما. فكل عام ووطننا بسلام.