لا أحد يتمنى المكاره في الحياة، سواء تجاه فرده أو مجتمعه أو وطنه، ولكن الله لا يخلق شرا محضا، كما أنه لا يخلق خيرا محضا، والحكمة في معرفة خير الخيرين وشر الشرين، وتحصيل الأخْيَر وتلافي الأشَرّ، ولو كان نتيجة تقصيرات متراكمة في اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة بشتى الملفات الداخلية والخارجية.

وبتأمل قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، فإننا ندرك بعقولنا البشرية، فضلا عن الهدايات الربانية، أن في كل نجاح فشلاً، وفي كل فشل نجاحاً، والموفق من فتح الله عليه بإدراكهما.

ومن ذلك كثير من النماذج المعاصرة على شتى الأصعدة، بحيث إنك في حال نجاحك تدرك المرتزقة من حولك، وفي حال فشلك تدرك المنافقين من قربك.

وكم رأينا في التاريخ والجغرافيا، ناهيك عن الواقع المعاصر، أن عدوك يكشف لك نقاط ضعفك وضعفه، فتسد نقاطك وتنتهك نقاطه، وتظهر لك الوجوه المتلونة على حقيقتها، وما عليك حينها إلا اغتنام نعمة الخيرية في الحالتين ورصد المشهد بكل شمول ودقة، وكأنها بالونات اختبار أو مناورات تدريبية، ولكنها حقيقية تقوي عزمك وتسد خللك، وتحقق لك ما لا يحققه نجاحك.

والمشهد اليوم واسع، ومصائده متعددة، وما على أهل الحكمة إلا اغتنام الفرص لمزيد من التقوية الذاتية وسد الخلل، والنصر لمن يضحك أخيرا.