هل تساءلت يوماً مم يصنع البلاستيك؟ تلك المادة التي لا يكاد يخلو أي منتج استهلاكي منها في عصرنا الحالي! هل تعلم أن حوالي

95 % من المنتجات الكيميائية بما فيها البلاستيكية تنتج من مصادر الخام البترولية؟ على سبيل المثال، البولي إيثيلين سواء أكان عالي الكثافة أو منخفض الكثافة (HDPE/LDPE)، والذي يدخل في صناعة العلب البلاستيكية، ينتج من بلمرة الإيثيلين الذي ينتج من عملية تكرير النفط بما يمسى (Naptha Cracking).

ولكن ماذا إذا نفد النفط؟ هل سيختفي البلاستيك من حياتنا؟ يوجد الكثير ممن يتمنى زوال البترول كمصدر للطاقة لأضراره على البيئة. لكن سواء نفد النفط أو بقي، هل بإمكاننا الاستغناء عن البترول كمصدر خام للمواد الكيميائية والبلاستيكية تحديداً؟ وهل بالإمكان صناعة بلاستيك صديق للبيئة في مكوناته وموارده الخام، بالإضافة إلى خواصه وأهمها قابليته للتحلل بيئياً؟ الجواب بالطبع نعم ذلك ليس بالأمر المستحيل بل يندرج تحت تخصصي الكيمياء الخضراء (Green Chemistry)، حيث نعمل على البحث وابتكار طرق جديدة وصديقة للبيئة لصناعة المواد الكيميائية من خلال تقليل الاعتماد على النفط لصناعة المواد الكيميائية، بالإضافة إلى تقليل المخاطر في العلميات الكيميائية وإلى العمل على تقليل أو إعادة تدوير المذيبات والمحفزات التي تدخل في التفاعل. فعلى سبيل المثال، بولي إيثيلين تيرفثيليت (PET) الذي يدخل في صناعة علب المياه وحافظات الأكل وبعض الأقمشة الصناعية، يتم تحضيره من تفاعل حمض التيرفثليك مع إيثيلين جلايكول، وجميعها مركبات تنتج من المصادر الخام البترولية.

ولهذا فقد توصل العلماء إلى إنتاج بلاستيك 50 % نصف حيوي (bio-PET) من خلال إنتاج الإيثلين جلايكول من قصب السكر بعد تحويله من إيثانول إلى إيثيلين. ولكن يبقى مصدر حمض التريفثيليك من المواد الخام البترولية. عوضاً عن ذلك كله، فقد أظهرت التجارب والبحوث إمكانية تحضير بلاستيك (PEF) كمنتج 100 % من مصادر متجددة، ويحل محل (PET) في خصائصه، بولي إيثيلين فورانويت (PEF) يمكن تحضير الإيثيلين من مصادر متجددة كما في (bio-PET)، بالإضافة لذلك استبدل حمض التيرفثليك غير القابل للإنتاج حيويا بحمض فيوران ثنائي الكربوسيل (FDCA)، الذي يمكن إنتاجه عن طريق أكسدة الكربويدرات من مصادرها الحيوية المباشرة أو من خلال المخلفات الحيوية. وقد أثبت البلاستيك (PEF) فعاليته في العديد من التطبيقات. علاوة على ذلك، أثبتت البحوث إمكانية إنتاج بلاستيك (PLA) عن طريق بلمرة حمض اللبنيك، حيث يتم تحضيره من المصادر الحيوية كنشأ الذرة وقصب السكر دون الاعتماد على المصادر البترولية، ويدخل بلاستيك (PLA) في بعض التطبيقات المحدودة كالنسيج والتغليف. البحوث جارية على قدم وساق لتطوير هذا المجال المهم لرسم خارطة طرق في مجال مستقبل المواد الكيميائية. وكلي أمل أن تكون المملكة العربية السعودية في مقدمة ركب الدول لقراءة المستقبل واستباق الأحداث، حيث مكاننا دوماً في الصف الأول من العالم الأول.