عقد طوال الأسبوع المنصرم المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد ألقى كلمة المملكة فيه الدكتور خالد السلطان رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، بيّن فيها السياسة النووية للمملكة.

أولا: المملكة مع تعزيز الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، سواء في إنتاج الكهرباء أو غيرها من الاستخدامات.

ثانيا: تؤيد المملكة التعاون الدولي في نقل ومشاركة التقنية النووية، ضمن إطار معاهدة عدم الانتشار النووي، واتفاقية الضمانات الشاملة.

ثالثا: تعمل المملكة على تنفيذ مشروعها الوطني للطاقة الذرية بحيث يكون متوافقا مع الأطر التشريعية والمعايير الدولية.

رابعا: تدعو المملكة جميع الدول للالتزام بمعاهدة منع الانتشار بجميع بنودها، وتطالب جميع الدول بالانضمام للمعاهدة، حاليا هناك أربع دول خارج المعاهدة هي الهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية.

خامسا: تدعم المملكة خلو منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، كما تدعم مكافحة الإرهاب النووي بكل أشكاله.

ما ذكره الدكتور خالد جاء متوافقا مع جميع التصريحات السابقة للمسؤولين السعوديين، وقد أدلى وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان أخيرا بتصريح أكد فيه أن المملكة تريد إنتاج وتخصيب اليورانيوم في المستقبل لبرنامج الطاقة النووية الذي تخطط له والذي سيبدأ بمفاعلين.

لكن المشكل في تخصيب اليورانيوم أنه يفتح الباب أمام الاستخدامات العسكرية، وهذا ما يجعله ذا حساسية سياسية، والمثال الإيراني حاضر في هذه المسألة، غير أن المملكة ليست إيران، فالمملكة ملتزمة بجميع المعاهدات التي انضمت إليها، سواء فيما يتعلق بالشأن النووي أو غيرها من المعاهدات، أما إيران فقد أثبتت للمجتمع الدولي أنها غير ملتزمة بالاتفاقيات التي أبرمتها، وقد خرقت معاهدة منع الانتشار غير مرة. فليس من العدل جعلهما في موضع مقارنة.

تجري حاليا مباحثات مع الولايات المتحدة لنقل التقنية النووية إلى المملكة، وتبقى مسألة تخصيب اليورانيوم حجر الزاوية.

ويبدو أن الموقف النووي الأميركي تجاه إيران والسعودية مترابط بشكل أو بآخر، فإدارة الرئيس ترمب متشددة في منع إيران من تخصيب اليورانيوم، وفي الوقت نفسه تدعم حق المملكة في التخصيب، لكن التشدد تجاه إيران يسوغ له خروقات إيران المتكررة لمعاهدات حظر الانتشار والضمانات الشاملة، بينما سلوك المملكة يشهد لها بالالتزام التام بتلك المعاهدات، مما يجعل التخصيب حقا أصيلا لها.

قد يكون هذا أحد الأسباب التي دعت إدارة ترمب لإقناع المملكة للقبول بـ«البروتوكول الإضافي»، كما جاء في تقرير لوكالة بلومبيرج الثلاثاء الماضي، البروتوكول الإضافي يمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية قدرة أكبر على التحقُّق من الاستخدام السلمي لجميع المواد النووية في الدولة، من خلال تعزيز عملية التفتيش واستخدام تقنيات متطورة للمراقبة والتصوير، ووفقا للبروتوكول، يحق لمفتشي الوكالة إخطار الدولة بزيارات التفتيش، قبل ساعتين فقط من الزيارة، ويجب السماح لهم بالوصول إلى أي موقع يشتبه في احتوائه على أنشطة نووية، ولو لم يكن من ضمن المنشآت النووية المعلنة.

هذا البروتوكول جاء لسد الثغرات في بند الضمانات الشاملة ومعاهدة منع الانتشار، وهو نافذ في أكثر من 100 دولة حتى الآن، وقد وقعت عليه إيران في 2003 بعد أن تم الكشف عن أنشطتها النووية العسكرية، ولكن حتى الآن لم يصادق عليه البرلمان، وبالتالي فهو ليس في حيز التنفيذ.

المملكة ملتزمة بجميع الاتفاقيات والمعاهدات النووية المبرمة معها، وهي تتباحث في إطار هذه الاتفاقيات التي تتيح لها حق التخصيب، وليست في حاجة للتوقيع على البروتوكول الإضافي، فإذا لم تتمكن معاهدة منع الانتشار وبرنامج الضمانات الشاملة من منع الدول الموقعة عليها من صنع السلاح النووي فما الفائدة منها إذاً؟.