لطالما آمنت بأن بعض الأسماء في حقيقتها أفعال، فالحب والوطنية على سبيل المثال لا يستقيمان إلا إذا وافق الفعل المسمّى، فلا تكفي دعاوى الحب بدون حب ولا ادعاء الوطنية بلا وطنية.

يتعانق المفهومان ويحلقان بنا سويا في سماء حب الوطن هذه الأيام، تملؤنا بهجة الاحتفالات بالذكرى التاسعة والثمانين لتوحيد الوطن وإعلان قيام المملكة، ويحدونا الأمل في مستقبل مشرق نرى بوادره بالأرقام والمؤشرات في مملكتنا الحبيبة ولله الحمد، من خلال النمو المتسارع للمشاريع التنموية التي تستند على الحكمة والخبرة وروح الشباب.

وأنا أراقب بحب احتفالاتنا البهيجة وروحنا الخضراء هذه الأيام، وأنا أشاهد الأفلام القصيرة، دعوات الأمهات والآباء المليئة بالإيمان والثقة، الأغاني الوطنية وألحانها السعيدة، والصفوف المتمايلة بفنوننا الشعبية الرائعة، امتلأ قلبي بامتنان عظيم لمن سنّ سنّة الفرح، ولكل التغيرات الإيجابية التي قادها مهندس الرؤية سمو ولي العهد، حفظه الله ورعاه الذي جعلنا نصدّر الفرح ولا نكتفي باستهلاكه فقط.

والاحتفاء بوطننا لابد أن يكون عقيدة راسخة ودائمة من خلال تفعيل ‏حب الوطن، لا الحديث عن هذا الحب فقط. وتفعيل هذه المحبة يتحقق بالثقة، الثقة بالله سبحانه أولا ثم بحكمة وقدرة قيادتنا الرشيدة التي يقود سفينتها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على قيادة هذا الكيان الغالي حتى في أصعب الظروف، فالله سبحانه وتعالى بحكمته يختار أقوى وأحكم جنوده لأهم المعارك، للّحظات التاريخية وللمنعطفات الهامة التي تغيّر الخرائط وتعيد الأمور لنصابها.

ومن تفعيل محبة الوطن كذلك جمع الكلمة ونبذ الفرقة بكل أشكالها، وأهمها دعاوى الجاهلية المتمثلة في العنصرية، ولن نقضي عليها بإشعال أوارها ونارها بل بتقبل اختلافاتنا والاتفاق على أن ما يجمعنا من مكتسبات في الوطن أهم بكثير مما يفرقنا، وبأن وقوف العقلاء مع الدولة صفا واحدا في وجه الدعاوى العنصرية البذيئة هو السبيل الأهم والأقصر للنماء والأمن الاجتماعي.

ومن حب الوطن أيضا شغل النفس بالمعالي وترك الإسفاف، بالإخلاص في التعلم والأداء والتطوير، وبعلو الهمة، بتحقيق مؤشرات الأداء الضابطة للأعمال على أرض الواقع، وبإتقان الأعمال المنوطة بنا كل في مجاله وتخصصه، وبتوظيف الأكفأ لخدمة الوطن وتحقيق أهدافه التنموية، وبحفظ الوقت العام والمال العام والمرافق العامة من خلال التخطيط والصيانة والمراقبة.

تسعة وثمانون عاما بنعمة وخير وفضل ومنة من الله سبحانه ومن ملوكنا الكرام، في أرضنا الغالية، تاريخ من العطاء وعهد بالولاء ووعد بالاستمرار فيه ما دمنا نتنفس ونحيا. كل عام وأنت يا وطني، يا درة الأوطان، بخير ونعمة، ودمت عزيزا شامخا ودامت رايتك خفاقة بالعز على أرض التوحيد والأمان.