بموجب المرسوم الملكي الذي أصدره الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، في السابع عشر من جمادى الأولى عام 1351هـ، والذي أعلن فيه قيام المملكة العربية السعودية، اعتبارا من الخميس 21 جمادى الأولى عام 1351، الموافق 23 سبتمبر 1932، أصبح هذا التاريخ يوماً وطنياً لها كل عام. هذا اليوم الذي يمثل ذكرى توحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت مسمى المملكة العربية السعودية، توج ملحمة بطولية دامت ثلاثين عاماً بالعزم والحزم والصلابة. نحتفل بالذكرى الـ89 لقيام وتأسيس مملكتنا، تسعة وثمانون عام عشناها من القوة والتطور والتقدم المُبهر. فكل عام وأهل هذا البلد وقيادتها وشعبها في أمن وأمان وتقدم وازدهار. بطبيعة الحال عاش الوطن المناسبة بجميع أفراده وكافة مؤسساته فرحة مختلفة وذلك باختلاف حجمها وأهميته. قبل هذا اليوم بشهور تكون المؤسسات الربحية والشركات في القطاع الخاص قد أعدت قوائمها واستعدت لاستقبال هذا اليوم ومشاركة الشعب فرحته واحتفاله، ومن قبل تاريخ هذا اليوم بأسبوع تنهال العروض والخصومات على معظم الخدمات والسلع والمنتجات، وفي الحقيقة.. الغالبية منها يستغلون هذا اليوم لزيادة ربحهم واستهداف جيب المواطن الفرحان، عوضاً عن مشاركته فرحته بوطنه. لن أكون ظالمة واتهم الجميع بهذا الحكم إلا أنني أرى أن كل عرض مشروط هو دلالة على النية الاستغلالية البشعة. اليوم الوطني هو يوم احتفالي واحد سنوياً وليس أسبوعياً أو شهرياً لنقول إن هذه العروض تعود بالخسارة على أصحابها، بالإضافة إلى أنه من حقوق هذا الوطن الكريم على التاجر أو المستفيد أن يكرمه بعروض تليق بذكرى يومه الوطني لكافة المواطنين وسكانه دون شروط أو قيود. وحديثي هنا شامل لكل المستثمرين والتجار ولكن أكثر من نلقي عليه اللوم الشركات الاستثمارية الرائدة والتي عرضها ليوم أو يومين أو أسبوع لا يضر أرباحها خلال أسبوع واحد فقط، وأعرض لكم مثالاً لتلك العروض، شركة طيران تضع عرضا لذكرى اليوم الوطني الـ89، على رحلاتها خصم يصل إلى 40% شريطة ألا يتجاوز الحجز الأيام المعدودة التي حددتها من 20 إلى يوم 25، كما أن هذا العرض لا يشمل أيام الإجازة الأسبوعية. من هذا العرض يتضح لنا الاستغلال بعينه لذكرى توحيد هذا الوطن، وكأن الوطنية والاحتفال اقتصرا على فئة محدودة فقط. وقد يكون الهدف من هذا العرض هو مشاركتها الضعيفة في احتفالات الوطن حتى لا يبقى اسمها صامتا بلا أي مشاركة، هذا وهي شركات ضخمة في السوق، بينما يكون نوع الاستغلال في عروض المنشآت الصغيرة عبارة عن استجداء الشهرة والتسويق للمتجر أو المحل الذي شارك بعروضه، مثل المقهى الذي أعلن عن عرضه باستضافة أي شخص يبلغ من العمر 89 عاماً!، وهو رقم ذكرى وحدة هذا الوطن. وجاء في إعلان هذا العرض «بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الـ89 يقدم المقهى لكل شخص عمره 89 قهوة وحلويات مجاناً»، العجيب في العرض الشرط، وهو إحضار الهوية الوطنية التي تثبت لهذا المستفيد رقمه العمري. بقدر ما هو العرض مضحك، إلا أنه حقق الغرض منه، واشتهر اسم المقهى، ونجح في استغلاله لذكرى اليوم الوطني. أرى في مثل هذه العروض جحدا لفضل هذا الوطن الكريم على المستثمر واستغلاله، دون إظهار الشعور بالوطنية والاحتفال بها. وكما ذكرت سابقاً ليس الجميع بهذه البجاحة فهناك متاجر ومؤسسات أثبتت بعروضها وفاءها وحبها الكبير للوطن واعترافها بفضله عليها. فإن لم تظهر أيها المستثمر حبك ووفاءك لوطنك بتقديم أفضل ما لديك من عروض نابعة عن حب، والتي تعكس انتماءك وولاءك لهذه الأرض ولهذا الوطن، فهو في غنى عن المتحذلقين متسولي المال باسم الوطنية.