إن تلك الروح المميزة التي يحتفل بها المواطنون في اليوم الوطني المجيد لا تعتمد في زخمها على الفعاليات التي رسمتها الدولة، وعلى ما تقوم بها من برامج تناسب هذا الحدث فقط.. بل تعتمد على المواطن نفسه وعلى سعيه هو للتعبير عن حبه وولائه لوطنه.. ولذلك فهو يوم للاحتفال بالقيم والأسس التي بنيت وقامت الدولة عليها، ونشأت منذ عهد الدولة السعودية الأولى، ورسخت واتضحت معالمها بتأسيس وتوحيد البلاد تحت راية التوحيد وعلى يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله، والتي سار عليها أبناء الملوك تباعاً حتى يومنا هذا. فالاهتمام باليوم الوطني وتاريخه ومكانته هو رغبة في تعزيز هذا التاريخ في نفوس الشباب والأجيال القادمة وتوعيتهم به، ودفعهم للمشاركة وبذل الجهد نحو اكتشاف تجارب الماضي، سواء التاريخية أو الثقافية أو الاجتماعية، والاستفادة منها في ربط ماضيهم بحاضرهم، واكتساب تجربة صياغة مستقبلهم المشرق... فالتاريخ ملهم للبشر بكافة فئاته وأطيافه وفاعل وهو مؤثر جدا في الأجيال الصغيرة التي يعتمد على طاقتها وحيويتها في دفعهم نحو الأمام.. فيوم الوطن يوم يلهم الأطفال والشباب من صغار السن على التفاعل والعمل من خلال دفعهم نحو المنافسات المثيرة والتجارب الشيقة، وكذلك الاستفادة من الالتقاء بالأجيال التي سبقتهم، وتكوين رؤية تلهمهم إلى فتح آفاق جديدة تحول أفكارهم إلى مناهج مبنية على المشاريع والتوجيهات السليمة التي تفيد المجتمع. ولأن هذا اليوم من أيام التاريخ الخالدة في تاريخ المملكة والأمتين العربية والإسلامية بل وفي العالم أجمع.. فقد سجل التاريخ في هذا اليوم مولد المملكة العربية السعودية في إطار ملحمة من البطولات، قادها الملك عبد العزيز لتحقيق هذا الحلم الكبير فجمع الشتات ووحد الأجزاء في دولة لها هيبتها وصوتها ومكانتها بين دول العالم. واليوم وبعد كل هذه السنين تطلعاتنا للمستقبل زاهية.. وعطاؤنا لبلادنا بلا حدود.. وقيادتنا بكل خصائصها ومفرداتها التي تؤمن بعبقرية الإنسان وعبقرية المكان ونزاهة المقصد.. تفتح المجال دائما للعودة لليوم الوطني.. ذلك اليوم العظيم الذي يستحق منا في كل عام مراجعة التجربة وقياس مدى تطورها عبر هذه السنين. لذا يتعين علينا نحن الشباب في هذا اليوم.. أن نتذكر بوعي.. الكثير من القيم والتضحيات والتجارب التي اكتسبناها عبر هذه السنين.. والتي صاحبت مسيرة بلدنا عبر الأجيال.. بقيادات حكيمة واعية أخلصت لربها ودينها ومواطنيها.. فأسهمت في بناء هذه الدولة وارتقت بها وما زالت تفعل الكثير.. فمن نعم الله على هذه البلاد أن اختصها بقادة يشهد التاريخ عليهم بما قدموه لشعبهم وما حققوه من انطلاقات حضارية كانت تسابق الزمن وتتفوق عليه.. فاستطاعوا أن يقدموا لبلادهم في تلك السنين المعدودة ما لم يستطع غيرهم أن يؤديه لبلادهم في مئات السنين. وها نحن اليوم نحتفل بمرور الذكرى التاسعة والثمانين على توحيد هذه الدولة وعلى سنواتها الحافلة بالعطاء والإنجاز.. والمليئة بشباب وشابات لديهم من الإرادات القوية والهمة التي توصلهم للقمة، أو كما قال ولي العهد حفظه الله إلى عنان السماء. دمت سالمة يا بلادي شامخة أبية.