تطل علينا في كل عام ذكرى اليوم الوطني للمملكة لتعيد إلى الأذهان هذا الحدث التاريخي الهام، ويظل الأول من الميزان من عام 1352هـ يوما محفورا في ذاكرة التاريخ، منقوشا في فكر ووجدان المواطن السعودي، كيف لا.... وهو اليوم الذي وحد فيه جلالة الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- شتات هذا الكيان العظيم، وأحال الفرقة والتناحر إلى وحدة وانصهار وتكامل. وفي هذه الأيام تعيش بلادنا أجواء هذه الذكرى العطرة، ذكرى (اليوم الوطني التاسع والثمانون_89) في هذا اليوم نتذكر مناسبة خالدة ووقفة عظيمة تعي فيها الأجيال قصة أمانة قيادة.... ووفاء شعب، ونستلهم منها القصص البطولية التي سطرها مؤسس هذه البلاد الملك عبد العزيز -رحمه الله-، الذي استطاع بفضل الله وبما يتمتع به من حكمة وحنكة أن يغير مجرى التاريخ، وقاد بلاده وشعبه إلى الوحدة والتطور والازدهار متمسكا بعقيدته ثابتاً على دينه وقيمه.

إن في حياة الأمم والشعوب أياماً هي من أنصع تاريخها، ويومنا الوطني لبلادنا الطاهرة تاريخ بأكمله، إذ يجسد مسيرة طويلة خاضها البطل الموحد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه-، ومعه أبطال أشاوس من الآباء والأجداد - رحمهم الله جميعاً - في سبيل ترسيخ أركان هذا الكيان وتوحيده.. تحت راية واحدة وهي راية التوحيد. ومثلما كان اليوم الوطني تتويجاً لمسيرة التوحيد من أجل الوحدة، فقد كان انطلاقة لمسيرة توحيد آخر.. توحيد وبناء من خلال القيادات الشابة لتقود مرحلة النمو والتطور والبناء للدولة الحديثة في ظل رؤية 2030.

ولقد دأبت حكومتنا الرشيدة منذ إنشائها على نشر العلم وتعليم أبناء الأمة والاهتمام بالعلوم والآداب والثقافة، وعنايتها بتشجيع البحث العلمي وصيانة التراث الإسلامي والعربي، وإسهامها في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية، وشيدت لذلك المدارس والمعاهد والجامعات ودور العلم.

فقد حققت المملكة العربية السعودية سبقاً في كل المجالات سواء الأمنية في مكافحة الاٍرهاب أو المجالات التنموية الأخرى، وأخص منها المجال النفطي وتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد مستقبلا على النفط.

إنّ توحيد هذه البلاد على يد قائدها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- له تجربة متميزة للمجتمع الدولي، وأحد النماذج الناجحة في تاريخ الأمم، وإبراز ذلك النهج الذي تبنته المملكة في سياستها الداخلية القائمة على مبادئ الإسلام الحنيف، وكذلك في علاقاتها الدولية المستمدة من تراثنا وحضارتنا واحترام مبادئ حقوق الإنسان في أسمى معانيها، كان آخرها قبل أيام وهي ترعى اتفاقيات السلام بين عدد من الدول، والتي دامت بينهم الحروب والقطيعة عدة سنوات.

ومن خلال هذا اليوم فرصة ثمينة أن نغرس في نفوس النشء معاني الوفاء لأولئك الأبطال الذين صنعوا هذا المجد لهذه الأمة، فيشعروا بالفخر والعزة، ونغرس في نفوسهم تلك المبادئ والمعاني التي قامت عليها هذه البلاد، منذ أن أرسى قواعدها الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، ونعمّق في روح الشباب معاني الحس الوطني والانتماء إلى هذه الأمة، حتى يستمر عطاء ذلك الغرس المبارك.

فقد صاحب هذا العام استمرار الدعم الذي تلقاه المرأة من قيادتنا التي فقدمت وما زالت تقدم للمرأة لتمكنها من أداء دورها وتحقيق رسالتها، فكان هذا العام عام المرأة السعودية، الذي شهد قيادة المرأة وتنصيب المرأة في المناصب القيادية، ومستمرة حكومتنا الرشيدة في تقديم التسهيلات والحقوق التي تستحقها نساء المملكة، فهن لا ينقصن بشيء عن نساء العالم.

وفق الله الجميع في رسم تلك الصورة المشرقة لما يزيد على قرن من الزمان، خرجت فيه الجزيرة من أمم جاهلة متناحرة إلى أمة موحدة قوية في إيمانها وعقيدتها، غنية برجالها وعطائها وإسهامها الحضاري، فخورة بأمجادها وتاريخها.