الحديث عن السعادة لا ينتهي أبداً. لا ينتهي، لأن السعادة تبقى هي السر الأعظم لاستمرارية الحياة في دواخلنا وفي بيئاتنا التي نرغب العيش بها. ولذلك فإنك تجد أن الإنسان، أي إنسان، لا ينتهي، ولا يمل من البحث عن السعادة بشتى صورها وأشكالها. سعادة نفسية، واجتماعية، وأسرية، وعملية، ومالية، وعدد ما تشاء من أنواع السعادات التي قد تطرأ ببالك في شتى مجالات الحياة.

ولأنني دائماً أرى أن الحياة يجب أن تُدار إدارة جيدة. فإنه يتوجب على الجميع الإلمام بمبادئ الإدارة. ولكن تلك قصة أخرى. المهم، أنني أعتقد أن سعادة الإنسان تبدأ بإدارة ذاته. كيف يحدث ذلك؟ في ظني أيها الكرام أن السعادة تتفاعل مع مكونات الإنسانية النفسية الداخلية، وهذا الأمر لا يتأتى بطبيعة الحال، إلا إذا تمت إدارة النفس البشرية من قبل الإنسان بالشكل الجيد. بمعنى، أن مدار حياة الإنسان السعيد تأتي من تركيزه وإدارته لعدد من الملفات. وهذه الملفات أرى أنها تنطلق من النقاط التالية:

الأول: الاستقلال المادي:

لن تسعد، وأنت مرتهن لقلة دخلك المادي إلى من هم حولك من أقارب وأصدقاء. لا يمكنك أن تتفرد برأيك وتستقل، وأنت لا تزال في حاجة مادية دائمة إلى من هم حولك. أدرك أن كثيراً منّا، قد يمر بفترات احتياج مادية، ولكن للوصول إلى السعادة الداخلية الدائمة، يجب عليك الإسراع بتخطي هذه الأزمة، والانتقال إلى منطقة الاستقلال المادي. أكرر، لا أقول الغنى وكثرة المال، بل الاستقلال المالي عن الآخرين.

الثاني: الابتعاد عن التدخل في حياة الآخرين:

في حياتك يا صديقي، العديد والعديد من المشكلات الخاصة بك، والتي تحتاج إلى أن توجد لها الحلول. لذلك أنت في غنى عن أن تنشغل في معارك الآخرين ومشاكلهم التي لا تنتهي. أعتقد أنك إذا رغبت بالسعادة فإنه يتوجب عليك العمل على الانشغال بنفسك، وترك التدخل فيما لا يعنيك من شؤون الآخرين قدر المستطاع.

الثالث: التخفف من ماديات الحياة:

كلما خففت من ارتباطك بالأشياء مادياً، كلما انزاحت عنك الهموم بشكل أكبر. ومن هذه الأشياء التي قد تكتفي منها بالأخف، أن تمتلك منزلاً يفي باحتياجاتك، وسيارة تؤدي واجباتك بدون تقصير، وعدد قليل من الأجهزة ترتب بها أمورك الحياتية، وقس عليها ما تشاء من الماديات الأخرى.

الرابع: صناعة الأهداف الشخصية:

من أجل أن تسعد، يتوجب عليك يا صديقي تحديد عدد أساسي من الأهداف الكبرى، ثم تعمل على تحقيقها في حياتك. كما عليك أن تحددا عدد من الأهداف القصيرة الأجل والتي تعمل عليها بشكل سنوي، والتي بالطبع تصب في سبيل تحقيق أهدافك الكبرى.

أخيراً عزيزي القارئ، تركيزك وإدارتك وتعهدك لنفسك بالحدود التي يجب أن تحبس نفسك بداخلها ستمنحك مع الوقت زمام السيطرة على حياتك الشخصية، وبذلك فإن حياتك سوف تسلم من أن يستلمها الآخرون ليديروها نيابة عنك.