إن كتب الله على أحدنا أن يفتح جسده بمشرط جراح فيما يعرف لدينا بالعمليات الجراحية، حتى وإن كانت فتحات دقيقة كجراحات المناظير والليزر وغيرها، فحينها لا بد أن يكون قد مر بنا تخصص طبي يسمى التعقيم أو مكافحة العدوى.

وقد يتم رفضنا من قبل الجراح حتى وإن كان جراح أسنان، بسبب أن اللثة ملتهبة وتحتاج إلى تعقيم حتى تبتعد عنها البكتيريا، ونبدأ مرحلة تعاطي المضادات الحيوية وغيرها من الغرغرات والمضمضات، وكل ذلك لتسهيل أمر واحد وهو أن تكون الجراحة التي سنتعرض لها فعالة وتؤتي نتائجها الناجحة بأكبر قدر ممكن.

طيب يا حبيبنا يا ولي أمر الطالب الموقر، ألست بحاجة تعليم فعال لفلذة كبدك، تعليم تقل صعوباته وتظهر نتائجه الإيجابية بشكل ملحوظ، تعليم يجعلك تشعر أن ابنك ذهب وتعلم شيئا جديدا يفيده في حياته ولو بعد حين، ولم يذهب ليضارب ويتعفرت على معلميه وزملائه، كما حدث في جريمتي قتل طلاب من قبل أطفال زملائهم (الأطفال برضه) في جدة والرياض خلال الأيام الماضية.

ببساطة لو اعترفنا أن التعليم ليس مجرد مرحلة عمرية لا بد أن يمر بها أي طالب (والسلام)، بل هو عبارة عن منظومة متكاملة ومترابطة مع بعضها، تؤثر قوة أساس أولها على أوسطها وآخرها، ويؤثر ما تعلمه الطالب في الابتدائي، على طريقة تعامله مع نفس التخصص في الجامعة، وأن العملية التعليمية أشبه ما تكون بجلسات علاج السرطان، التي لو فشلت إحداها تأثرت باقي الجلسات.

ببساطة أكثر، لو تذكرنا أن ابننا الذي ذهب إلى الروضة قبل قليل لم يذهب ليريحنا من إزعاجه ويزعج غيرنا، بل ذهب اليوم ليرتاح ويريحنا كل يوم ما دام أننا أحياء، فسنأخذ المسألة بـ(شوي جدية) كل يوم، وسنراقبه عن كثب.

لا نراقب مستواه التعليمي فحسب، فهذه شغلة المعلم التي يأخذ عليها (فلوس) كل نهاية شهر، مثلما أن الجراح شغلته الجراحة التي يأخذ عليها (فلوس برضه)، ولكن الجراح لن يستطيع القيام بالجراحة للمرضى غير المعقمين، وقس عليه أن المعلم لن يستطيع أن يدخل التعليم بـ(العافية)، في رأس الطلاب غير المتربين، وكل يفهم التربية على قدر فهمه.

نظرة للسماء: لو وضعت العربة أمام الحصان، فلن يصل راكب هذه العربة لوجهته في الوقت الذي سيصل به من وضع الحصان أمام العربة ليجرها بسلاسة، وقد تكون التربية هي الحصان الذي يجر عربة التعليم.