إن التشابه الكبير بين الملك المؤسس طيب الله ثراه، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يتخطى التشابه في الهيئة والملامح إلى تشابه في الشخصية وقوة العزيمة والقدرة على إحداث التغييرات الكبرى.

وفي هذا المقال سوف أتناول العدالة السعودية بين العهدين، فالعدالة هي الركيزة الأعظم لبناء الدول والمجتمعات.

بالرجوع 89 عاما للوراء سنرى أن الملك عبدالعزيز كان حريصا جدا على بسط الأمن وإرساء القانون، فعمل على إرسال القضاة للمدن والقرى البعيدة، واستحدث القوانين وقرّب الكفاءات والمستشارين، وكان نتيجة ذلك حدوث تغيير كبير في مفاهيم العدل والأمن والدولة.

في العام 1913 منح الملك عبدالعزيز للطائفة الشيعية قضاء خاصا في العقود والمعاملات الأسرية، وجاء ذلك احتراما للحريات الدينية والتنوع الطبيعي للمجتمع السعودي.

وعلى مدى عقود سار الملوك الآباء على طريق المؤسس في جعل القانون شعارا للدولة وحاكما على الصغير والكبير، وظهر ذلك في تفاصيل كثيرة سطرها التاريخ بمداد النور، ولعلي هنا أشير إلى أن معهد الإدارة العامة بدأ في العام 1971 بتقديم برامج القانون كأول مؤسسة أكاديمية في الخليج العربي تقدم برامج عليا في الدراسات القانونية وما يزال.

وقبل ذلك بكثير بدأت تنظيمات المحاكم ووضع قوانين وأطر لأعمال المحاماة والوكلاء الشرعيين.

واليوم بعد تولي الأمير محمد بن سلمان مقاليد ولاية العهد وهو المتخصص في القانون، فقد تحولت البلاد إلى ورشة عمل قانونية وحقوقية لا تهدأ، فأصبحت العدالة السعودية تحقق المنجزات السريعة والمتتابعة بشكل أدهش العالم، فخلال زمن قصير أعيد النظر في ممارسات كثيرة، وظهرت إلى النور قوانين كتلك المتعلقة بالحريات وحقوق المرأة وتفعيل الأنظمة المتعلقة بالمال العام. كما سمي للمملكة نائب عام وبدأت النيابة العامة تزاول أعمالها كبيت للعدالة، فاستقطبت الكفاءات الشابة، وكان للمرأة السعودية مكانها فأصبحنا نرى المحققات يحصلن على نفس المكانة والحقوق والتأهيل الذي يحصل عليه المحققون.

ومن جهة أخرى أكد قرار مجلس الوزراء رقم (265) بتاريخ 21 /6 /1435 للهجرة على دعم الإدارات القانونية بالكفاءات المؤهلة والاهتمام بها، وأن توضع خطة لتطويرها والعاملين بها، بل وأكثر من ذلك، حيث تم وضع ضوابط لإعداد ودراسة مشروعات الأنظمة واللوائح المرفوعة لرئيس مجلس الوزراء، تلزم بتقديم مذكرة تتضمن بيان السند النظامي لاختصاص الجهة، والهدف من المقترح والأسباب التي دعتها لإعداده وشرح مواده، إضافة إلى نبذة عن تجارب دولية، وكذلك بيان الآثار المالية والوظيفية بشكل محدد.

إنها تجربة من التنظيم والتقنين تستحق الإشادة والفخر، ومدعاة للاطمئنان على بلاد تسير في أقصر الطرق نحو ضمان الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

وإن كنا سابقا نقول إن قوانيننا بحاجة للإصلاح، فاليوم نقول لقد بدأت عجلة الإصلاح تدور بسرعة وكفاءة، فاقت تصوراتنا وألهمتنا بمزيد من الطموح والتطلعات.

كل عام وبلادنا قبلة الحق وميزان العدل الذي لا يميل.