تتخوف تركيا من تبخر حلم المنطقة العازلة في سورية والتي ظلت تطالب بها منذ عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وذلك بعد ما شهدت العلاقة بين أنقرة وواشنطن توتراً في أعقاب فشل الرئيس إرودغان لقاء نظيره الأميركي دونالد ترمب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

التهديدات التركية

تصاعدت التهديدات التركية في الآونة الأخيرة بإرسال قوات عبر الحدود في الجزء الشرقي من شمال سورية، ويواجه ذلك بصمت أميركي مريب، تشير إلى غموض وتضارب في المصالح حول الاتفاق في هذه المنطقة وإدارتها في ظل غياب تام أو تغييب للنظام السوري والمعارضة أو حتى معرفة رأي الحليف الأقوى لدمشق روسيا.

اعتبر إردوغان موضوع المنطقة الآمنة في سورية القضية الأساسية في خطابة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث لم يترك شاردة ولا واردة عنها إلا قدمها للعالم، من خرط جغرافية تكشف خطط وأحلام كبيرة لأنقرة حيال هذه المنطقة، وأخرى ديموغرافية تعكس التغيرات المرتقبة على الأرض السورية.

ويفسر مراقبون أسباب عدم الحماس الأميركي في تنفيذ الاتفاق مقابل اندفاع تركي مخيف إلى اكتشاف واشنطن أهدافاً تتضارب مع المصالح المعلنة للطرفين أبرزها نوايا إردوغان في الأساس إلى إنشاء حزام عربي مؤيد لأنقرة يفصل حدودها والأراضي الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية وتنفيذ أعمال إحلال وتوطين قسري للاجئين السوريين، مقابل طرد من تسميهم بالإرهابيين حلفاء الولايات المتحدة.

إشارات ضمنية

تكشف مصادر دبلوماسية أن المنطقة العازلة لم تكن أبداً على أجندة الولايات المتحدة، وأن ما قُدم للأتراك في الاتفاق تحمل إشارات ضمنية بحماية «قوات سورية الديمقراطية» من أي هجوم تركي محتمل، مما يعني أن موافقة ترمب على وجود منطقة عازلة في هذا التوقيت هي مناورة يحاول من خلالها امتصاص الغضب التركي من جانب، وطمأنة الحليف الكردي بأنه سيكون في مأمن من أي تحرك تركي في حالة تنفيذ الاتفاق.

وتلتهم المنطقة العازلة التي تمتد 822كلم وهو طول الحدود مع تركيا التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية مدينة القامشلي، والقحطانية، واليعربية، والمالكية في محافظة الحسكة، وعين العرب في محافظة حلب، وتل أبيض في محافظة الرقة.

شيطان التفاصيل

ورغم أن الأتراك والأميركيين توصلا إلى توافق في الخطوط العريضة حول إقامة منطقة آمنة على طول الحدود بين سورية وتركيا، والتنسيق معاً لإقامة إجراءات العزل، فإن الاتفاق سكت عن العديد من التفاصيل التي تتباين فيها وجهات النظر بين الصديقين اللدودين – بنود وتساؤلات يلفها غموض قد يختبئ خلفها شيطان التفاصيل العنيد.

غير أن الواضح الذي لم تفصح عنه تركيا لحليفها الأميركي صراحة هو رغبتها في إقامة منطقة عازلة شرق نهر الفرات وإفراغ وتنظيف هذا الشريط على طول الحدود من عناصر وحدات حماية الشعب التي تمثلها قوات سورية الديمقراطية، مقابل إحلال وتوطين اللاجئين السوريين قسرياً في حزام عربي يفصل بينها وبين الأكراد.

ويرى سكان أكراد عايشوا تجربة الاجتياح التركي لمدينة عفرين في الجزء الغربي من شمال سورية أن الأتراك قاموا بطرد الأكراد من المدينة واستبدلوهم بعائلات عناصر من تنظيم داعش، وهو السيناريو الأرجح الذي سيتم تطبيقه في المنطقة العازلة على الحدود، حيث تقوم أنقرة بطرد الكرد الذين تسميهم إرهابيين، وإبدالهم بالإرهابيين المتطرفين واللاجئين العائدين.

غير أن مراقبين يشيرون إلى وجود تعقيدات واستحقاقات قانونية دولية عدة تواجه الرغبة التركية بإقامة منطقة عازلة أبرزها ضرورة استصدار قرار مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع، وموافقة الحكومة السورية صاحبة الأرض، بينما تثار أسئلة أخرى مثل منطقة حظر جوي منزوعة السلاح، ونشر قوات دولية وغيرها.

أهداف المنطقة العازلة من وجهة نظر تركية

- منع ظهور حكم ذاتي للأكراد السوريين على حدود تركيا

- نقل اللاجئين السوريين وتوطينهم في هذه المنطقة

- مغازلة أوروبا بإعادة اللاجئين السوريين لديها إلى هذه المنطقة

- احتلال أراض سورية بموافقة أميركية وربما بقرار أممي

- إنشاء منطقة آمنة وحاضنة لمجاميع داعش الإرهابية

- تشجيع أنقرة لتطبيق اتفاق مماثل على حدودها مع العراق