الربا محرم بالإجماع للنص القرآني: «وأحل الله البيع وحرم الربا».

ولكن، ما الربا المحرم؟ وما الأسباب والحكمة والعلة من وراء تحريمه؟، لأن الحكم مع العلة وجودًا وعدمًا. لذا، نحتاج إلى إعادة البحث العلمي في تحديد الأجناس الربوية.

والأصناف الربوية التي نصّ عليها الشارع ستة، وقد اختلف الفقهاء في علّة الربا في هذه الأصناف، فالعلّة في الذهب والفضة الثمنية، والعلة في الأصناف الأربعة هي الطعم مع الكيل أو الوزن.

ولكن الفقه الحقيقي بألا ننشغل في تحقيق المناط الشكلي ونترك المناط الموضوعي، وهو روح العلة ومقصد الشارع في تحريمه، لحماية الفقراء والمحتاجين من الأغنياء والممولين.

ولذا، فإننا نرى أن الواقع المعاش فيما يسمى «المصرفية الإسلامية»، هو في أكثر ممارساتها مخالفة لروح التحريم، وظلمٌ للناس فيما يعدّ مخالفًا لقصد الشارع في حمايتهم، وليس شرعنة ظلمهم وأكل أموالهم تحت شعارات إسلامية. في حين نرى أن البنوك العالمية أرحم بالناس في ذلك، من حيث عدم التحايل عليهم، وانخفاض نسبة أرباحهم مقارنة بالبنوك التي تدّعي «الإسلامية».

ولذا، أدعو المجامع الفقهية المعتدلة، ومراكز البحوث المقاصدية، إلى إعادة النظر في ذلك، واعتبار أن الربا لا يقع في «الفلوس»، وذلك تحقيقًا لمناط الشريعة الغراء والمقاصد الدينية السمحاء، التي بكل تأكيد لا تقبل بهذا الواقع المختلّ الذي يناقض روح الشريعة ومقاصد التشريع الحكيم، بعدله وتوازنه وروح نصوصه الجامعة المانعة.