الجينز عيب، العلك عيب، حلق الشنب عيب، السيارة الكوبية كشف الوجه عيب، الثوب المطرز للرجال عيب، عباءة الكتف عيب، البرقع الواسع عيب، الكعب العالي عيب، بل كان الميك آب وأحمر الشفاه عيبا إلا -ربما- إذا تزوجت.

«عيب»، كلمة كانت تقال «مرادفة بالباطن» لكلمة «حرام»، عندما لا يكون الوضع يسوغ لقائلها قولها. وعندما تحين الفرص فإنها تتحول إلى «حرام» أو «لا ينبغي» على أفضل الأحوال. وفي المقطع الأول تستطيع عزيزي القارئ استبدال كل كلمة «عيب» بكلمة «حرام» وستحصل على النتيجة نفسها!.

ليس الحديث هنا عن النبرة الدينية تحديدا، التي أرهقت المسلمين سنوات، وحرمتهم من طعم حياتهم المباح، لكن الحديث هنا عن التغيير التلقائي الذي يظهر على المجتمعات في أمور متنوعة، إلى درجة أنه ربما يتحول الثابت المسلّم به إلى متغير قابل للنقاش، مع سلامة التحول ونبل الهدف وإيجابية المترتبات، وهذا عندما يُسبر عن قرب، فإن التغيير ليس لأن الثابت أصبح متغيرًا، بل لأن الثابت ذاته ليس بثابت في الأصل، إنما كانوا يظنون، يكذبون، يفترون، يتلاعبون... إلخ

فلندع التفحص في آليات التغيير وكيفياتها وماهياتها، جانبا، ربما لنخبويتها، لكن دعنا عزيزي القارئ ننظر إلى ماذا عسانا أن نستفيد من هذه الظاهرة، وهي باختصار عندما يصبح أمر ما مستساغا بعد أن كان يحكم بقطيعة رفضه.

من أهم ما نستفيده من هذا في نظري، هو أن نعلم جيدا، أن مناط تعييب الأمور أو تحريمها أو سوئها، يكون مبنيا على أساس ثابث واضح فقط، لا كما كان يُخضع للآراء والأهواء وربما المصالح!.

ثاني ما نستفيده، ربما هو أن نكون في ظل نهضتنا الحاضرة دائما مستعدين للتغيير، إن لم نكن نحن من نصنع التغيير، ولنجعل موقعنا من بين الثلاثة: صانع الحدث، والمتابع له، والمستغرب منه، ليكن موقعنا صانعي حدث.

ثالثة الأثافي، هو أن ندرك جيدا أن «التغيير» هو الشيء الوحيد الثابت على وجه الأرض فيما يخص السلوكيات. وبهذا الثالث خصوصا سنستطيع إدراك الأمور بشكل منطقي، يتيح للعقل الانطلاق في مجاله بضوابطنا وخصوصيتنا.

وكمسلمين، سنستطيع استسقاء مناهجنا من مواردها الأصلية، مع عدم تسليم عقولنا لأحد. وربما تشاركنا عزيزنا القارئ تحت هذا المقال بإخبارنا عن نماذج تغيّرت في حياتك من «عيب» إلى «عادي».. والسلام.