دخلت التظاهرات المطلبية في العراق مرحلة جديدة، مع تجاوز عدد القتلى المائة في العاصمة والمحافظات الجنوبية، ووقوع أكثر من 4000 جريح بعد خمسة أيام من المواجهات الميدانية، مع استمرار حجب الإنترنت، في الوقت الذي دخل فيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في خط الأزمة بدعوة الحكومة إلى الاستقالة.

دعوة الصدر

ورغم توقع المراقبين أن تغير دعوة الصدر المعادلة بزيادة زخم الحركة الاحتجاجية المطالبة بإسقاط السلطة في الشارع، أو تحويل المواجهة من الساحة الشعبية إلى الساحة السياسية، إلا أن المحتجين يرفضون أي عملية تسييس للحراك العفوي، وقالت صحيفة عراقية إن التظاهرات هذه المرة بـ"لا رايات ولا صور ولا شعارات حزبية"، ونقلت مصادر عن المتظاهرين قولهم إن هذه الاحتجاجات حركة شعبية، تضم مختلف الفئات من الرجال والنساء والعاطلين عن العمل والمسنين، وجميعهم يعربون عن غضبهم وإحباطهم المتراكم منذ أعوام، وإنهم يجمعون تحت أمر واحد: يريدون حياة أفضل، يريدون خدمات، يريدون وظائف، ويريدون أن يرتفع مستوى المعيشة.

تطورات سياسية

وتعهدت الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان التابعة للصدر بـ54 نائبا، بأن يأخذ على عاتقه المطالب الأساسية للمتظاهرين، ودعت إلى إسقاط الحكومة التي كان قد انضم إليها قبل نحو عام تقريبا، ودعا الصدر إلى انتخابات مبكرة بإشراف أممي.

محاولات التهدئة

وفي الوقت الذي قدم فيه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي مقترحات لتوظيف الشباب، وتقديم مساعدات اجتماعية جديدة، وتعهد أنه في حال عدم الإيفاء بالوعود في أسرع وقت ممكن "سأخلع سترتي، وأنضم إلى المتظاهرين"، طالبت الحكومة المتظاهرين منحها فترة زمنية، لتنفيذ الإصلاحات وتحسين الظروف المعيشية لأربعين مليون نسمة في العراق، الذي أنهكته الحروب والبطالة والفساد.

الشارع شأن آخر

وفي الشارع، بدت أهداف المتظاهرين واضحة منذ اليوم الأول، وقال أحدهم "لا أحد يمثلنا، يأتون بأشخاص يلبسونهم بزات رسمية، ويضعونهم في البرلمان"، وأضاف "لم نعد نريد أحزابا، لا نريد أحدا يتحدث باسمنا".

وهذه دعوة تلقاها الصدر بآذان صاغية، وحرص على دعوة أنصاره إلى تنظيم "اعتصامات سلمية"، والإبقاء في الوقت نفسه على طبيعة الاحتجاجات "الشعبية"، وعدم تحويلها إلى "تيارية".

تظاهرات ضد النظام

واعتبر الخبير بالشؤون العراقية فنر حداد أن السياسيين العراقيين، الذين يتولى بعضهم مناصب منذ 16 عاما، وجدوا أنفسهم أمام حركة غير مسبوقة، وأكد أن "هذه تظاهرات ضد النظام" تختلف عن الاحتجاجات الصيفية التقليدية، للمطالبة بالكهرباء والماء في ثاني البلدان المصدرة للنفط في منظمة أوبك.

وأشار حداد إلى أن "هذه هي المرة الأولى، التي نسمع فيها الشعب يطالب بإسقاط النظام"، المبني على المحاصصة الطائفية والإثنية للمناصب، إضافة إلى المحسوبيات، فيما رأى المحلل الأمني سرمد البياتي أن ما ينتظره المتظاهرون حاليا هو "تعديلات وقرارات حاسمة، وإقالة ومحاسبة أسماء كبيرة من السياسيين المتهمين بالفساد".

وقبل موعد تجدد التظاهرات التقليدي في فترة ما، بعد الظهر أمس، أعادت المحال التجارية أمس فتح أبوابها في أحياء عدة من العاصمة، فيما عاد رواد المقاهي إلى روتينهم اليومي، وبدأ عمال النظافة برفع آثار ومخلفات حرق الإطارات في الشوارع.

وفي وسط العاصمة التي يسكنها نحو تسعة ملايين نسمة، شهدت الطرقات المؤدية إلى ساحة التحرير، التي انطلقت منها التظاهرات انتشارا أمنيا كثيفا مع نشر آليات مدرعة، فيما لا تزال إمكانية وقوع مواجهات جديدة لا تزال قائمة.

الجامعة العربية

وفي القاهرة، عبر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط عن "قلقه" و"أسفه الشديد لسقوط ضحايا وجرحى في صفوف المتظاهرين، وكذلك من قوات الأمن"، وقال في بيان إنه يتطلع إلى "قيام الحكومة العراقية بكل ما من شأنه تهدئة الوضع والبدء الفوري بحوار جدي وحقيقي، يفضي إلى إزالة الأسباب التي دعت إلى التظاهر".

وأعربت الولايات المتحدة والأمم المتحدة عن القلق إزاء العنف، ودعت السلطات العراقية لضبط النفس، فيما تأتي التطورات بعد ساعات من تصريحات لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أكد فيها حق المتظاهرين في المطالبة بوضع حد للفساد، لكنه أضاف أن إحداث التغيير يستغرق وقتا.

الأوضاع الاقتصادية

يمتلك العراق رابع أكبر احتياطي من النفط في العالم، ولكن 22.5% من السكان الذين يبلغ عددهم 40 مليون شخص يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم، وفقا لما قاله البنك الدولي في عام 2014، فيما بلغت معدلات البطالة العام الماضي 7.9%، ولكن المعدلات بلغت ضعف ذلك بين الشباب، حيث تبلغ البطالة بين القادرين على العمل نحو 17%.

مشردون عن منازلهم

ويكافح العراق للتعافي بعد حرب مجهدة ضد تنظيم داعش الإرهابي، الذي استولى على مساحات كبيرة بشمال وغرب البلاد في عام 2014، فيما قدرت الحكومة العراقية والبنك الدولي العام الماضي أن الأمر يتطلب 88 مليار دولار، لتمويل الإعمار قصير ومتوسط الأجل في البلاد.

كما لا يزال نحو مليون شخص مشردين عن منازلهم داخل العراق، ويحتاج 6.7 ملايين شخص إلى أحد أشكال المعونة الإنسانية، حسبما تقول الأمم المتحدة، وفيما تبدو الظروف المعيشية شديدة السوء، في العديد من المناطق المتأثرة بالحروب.

أبرز الأحداث التي شهدتها خلال 5 أيام

الثلاثاء 1 أكتوبر

- تجمّعات عفوية وخروج أول تظاهرة حاشدة ضد حكومة عبد المهدي

الأربعاء 2 أكتوبر

- اتساع رقعة التظاهرات لتعم أنحاء جنوب العراق مع مشاركة الآلاف وسقوط قتلى

الخميس 3 أكتوبر

- مواجهات في بغداد تحدّى آلاف المتظاهرين حظر التجوّل والحكومة تقطع الإنترنت.

الجمعة 4 أكتوبر

- السيستاني يدعم المظاهرات وارتفاع حصيلة القتلى إلى 34

السبت 5 أكتوبر

- ارتفاع حصيلة القتلى إلى 100 شخص و4000 جريح