بينما قدم محافظ بغداد، فلاح الجزائري، استقالته وسط حركة احتجاجية غير مسبوقة في العراق تندد بتردي الخدمات الاجتماعية وتطالب بمحاربة الفساد، قالت مصادر من الشرطة العراقية وأخرى طبية، إن ما لا يقل عن 18 شخصا لقوا حتفهم في اشتباكات بين محتجين مناهضين للحكومة والشرطة في بغداد، مساء أول من أمس، بينما حاول مجلس الوزراء تهدئة الغضب العام من الفساد والبطالة بخطة إصلاح جديدة.

أكثر من 100 قتيل

وفقا للمعلومات، فإن حجم الاحتجاجات كبير جدا، ولا تزال متواصلة، وقتل حتى الآن أكثر من 100 شخص منذ بدء المظاهرات، الثلاثاء الماضي، ومن الأسباب الرئيسية الفساد المتفشي، وعدم إصلاح البنية التحتية المدمرة وقلة الوظائف، بالإضافة إلى مطالبة المتظاهرين بإخراج إيران من العراق في دلالة على تحكم نظام الملالي بالحكومة والداخل العراقي، وجاءت خطة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي المؤلفة من 17 بندا نتيجة لاجتماع طارئ لمجلس الوزراء عقد، مساء أول من أمس، وذلك بعد أيام شهدت تقديم وعود غامضة للإصلاح. وتشمل الخطة زيادة الإسكان المدعوم للفقراء ورواتب للعاطلين عن العمل وأيضا برامج تدريب ومبادرات تمنح قروضا صغيرة للشبان العاطلين.

تعويض أسر القتلى

ستحصل أسر الذين قتلوا خلال المظاهرات خلال الأيام الماضية أيضا على مدفوعات مالية ورعاية تُمنح عادة لأسر أفراد قوات الأمن الذين يلقون حتفهم في الحرب، ونقل التلفزيون الرسمي عن عبدالمهدي قوله في اجتماع مجلس الوزراء: «أنا والله العظيم في كل هذا الموضوع ما عندي قلق إلا من الضحايا». وساد الهدوء شوارع العاصمة، أمس، وعادة ما تشتد الاحتجاجات في وقت لاحق من النهار. وكسرت الاشتباكات الهدوء النسبي نهار يوم السبت، بعد أن رفعت السلطات العراقية حظر التجول، وعادت حركة المرور إلى طبيعتها في وسط العاصمة. وانتشر المئات من أفراد الأمن في الشوارع، وبدأت الاحتجاجات في بغداد يوم الثلاثاء، لكنها سرعان ما امتدت إلى مدن أخرى خاصة في الجنوب. وفي مدينة الناصرية، حيث لقي ما لا يقل عن 18 شخصا حتفهم خلال الأيام الماضية، أطلقت الشرطة الرصاص الحي على متظاهرين يوم السبت. وقالت مصادر طبية، إن 24 شخصا أصيبوا في الاشتباكات التي وقعت ليلا، بينهم سبعة من رجال الشرطة، وقالت الشرطة، إن المحتجين أضرموا النار أيضا في مقار عدد من الأحزاب السياسية في الناصرية. ومن بين هذه المقار مكتب حزب الدعوة الذي هيمن على الحكومة منذ عام 2003 حتى انتخابات عام 2018.

مخاوف مستمرة

لكن الخطط الجديدة للحكومة قد لا تكون كافية لتهدئة المحتجين والسياسيين الذين تحيزوا لموقفهم. وبدأت المعارضة للحكومة في الكتل الحزبية تكتسب قوة دفع، إذ بدأت تلك الكتل في مقاطعة الجلسات البرلمانية مما يزيد الضغوط على عبدالمهدي وحكومته للتنحي. ودعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يحظى بشعبية واسعة ويسيطر على كتلة كبيرة في البرلمان، يوم الجمعة إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة. وأعلنت كتلة برلمانية كبيرة على الأقل تحالفها مع الصدر ضد الحكومة، وفي شرق بغداد قال مراسلون من عدة وكالات أنباء عالمية، إن قناصة من الشرطة أطلقوا النار يومي الجمعة والسبت على المتظاهرين مما أسفر عن إصابة عدد من الأشخاص، ونقل التلفزيون الرسمي عن أجهزة الأمن قولها، إن 8 من أفراد الأمن قتلوا وأصيب أكثر من ألف آخرين في أعمال العنف.