عبارة «أنتم فوق السلطة» شعارٌ من شعارات الخوارج المارقين، تُسَوِّقُه قناة الجزيرة القطرية للشعوب العربية والإسلامية، باستثناء شعوب «قطر وتركيا وإيران».

فهؤلاء لو فكّروا في مناقشة سلطاتهم، فضلا عن مساواتها، فضلا عن الفوقية عليها، لتمّ سحقهم، ولاختفى شعار الجزيرة «أنتم فوق السلطة».

أما من سواهم، فلا بأس في نظر قناة الضرار القطرية، من أن يُنازعوا السلطة، معاندين في ذلك النصوص الشرعية الناهية عن منازعة ولاة الأمور، ومستهينين بسفك دماء الشعوب، وزعزعة أمنهم. يوقدون النار، وينفخون فيها لإيقاظ الفتن والشرور. المهم عندهم ألا يقع ذلك فقط على حزب الإخوان ونظام قطر وتركيا وإيران، وأما غيرهم فلا قيمة له، لا يرقبون في مؤمن إلّاً ولا ذمة.

وأنا هنا لا أدعو أي شعب مسلم ليكون فوق سلطته المسلمة، ولا أن يُنازعهم الأمر، فالنصوص الشرعية تمنع ذلك، وأنا مع العمل بالنصوص الشرعية، والحكم بها، عملاً بقوله تعالى: «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا». وقوله تعالى: «فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ».

ولستُ ممن يتبع المنهج الانتقائي من النصوص الشرعية، الذين يُعرضون عن النصوص الشرعية، إذا رأوا أنها تُخالف أهواءهم، ويُقبلون إليها مذعنين إذا رأوا أن الحق لهم، فهذا المسلك هو مسلك من في قلبه مرض، والدليل على ذلك قوله تعالى: «وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُون* وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِين* أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُبَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُون».

هذا التناقض أمقته ويمقته كل من يُعظّم النصوص الشرعية، ولكنّي أبيِّن هنا المكاييل المتناقضة لدى قناة الضِرار: قناة الجزيرة القطرية، فهم يدعون إلى المظاهرات، ويُهيِّجون الشعوب على حكامهم، ولكن لو قامت تلك المظاهرات في قطر أو تركيا أو إيران أو على حزب الإخوان، لأنكروها.

يباركون في قناتهم الشريرة الخروج، ويسمونه ثورة مباركة، إن كان يوافق أهواءهم، وإن كان الخروج ضد أهوائهم وأحزابهم، أسموه انقلاباً ظالماً.

وهذا التناقض يوجب على الشعوب المسلمة الحذر والتحذير من هذا الدجل الذي تمارسه قناة الجزيرة القطرية، فكل دجّالٍ يجب البُعْد عنه، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المسيح الدجال: «من سمع بالدجال فلينأ عنه»، أي «يَبعُد عنه»، وما أكثر الدجاجلة في عصرنا، ومنهم «قناة الجزيرة القطرية»، فلننأ عنها، لأنها تتصف بالكذب والتناقض والتحريش، وخدمة أعداء الإسلام، وإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، فهل تحب قناة الجزيرة القطرية أن تَحْدُث الثورات في قطر، كما تحب في دول المسلمين الأخرى؟ هل تشجع شعوب المسلمين في قطر وتركيا وإيران على الخروج على حكامهم، كما تفعل في الدول الإسلامية الأخرى؟!

والجواب: كلا، فالناس يرون تناقضاتهم ومكاييلهم الظالمة، عياناً بياناً، فهم أبعد الناس عن العدل، ولا يعنون بالشرع ولا بالعقل، ومن ذلك قولهم: «أنتم فوق السلطة»، هذه الجملة مخالفةٌ للشرع، ومخالفةٌ للعقل، لأن مقتضاها أن يكون الناس فوضى، وأن يقتل بعضهم بعضا، هذا هو منهج الخوارج تماما، وأما المنهج النبوي فهو ضدّ ذلك، فهو ينهى عن منازعة السلطة، فضلا أن يكون الإنسان فوقها، ويأمر بطاعة السلطان

«ولي الأمر» بالمعروف، ويُحذِّر من التهييج والإثارة على ولي الأمر، والأدلة على ذلك كثيرة ومعلومة، وحتى لو رأى منه ما يكره، فإنه يصبر ولا يُنازع الأمر أهله، وفي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: «من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جاهلية».

لاحِظْ، حتى لو رأى المسلم ما يكره من السلطان، فالتوجيه النبوي «فليصبر» بينما توجيه قناة الجزيرة القطرية «أنتم فوق السلطة» أي: فلتنازعوها، باستثناء «قطر وإيران وتركيا وحزب الإخوان فلا تنازعوها». هذا هو منطق قناة الضرار القطرية.

فيا معشر المسلمين: أَندَعُ كتاب ربنا وسنة نبينا، ونتبع قناة الجزيرة القطرية المخالفة للكتاب والسنة؟ ذات الأجندة المشبوهة، والتناقضات المفضوحة، لا سيما وبعض طاقمها لا يدينون بدين الإسلام، وبعضهم -وإن كان مسلما- إلا أنه شغفه رأي من رأي الخوارج بسبب الدرهم والدينار، وقد يكون بعضهم لا يرضى بما يقع فيها من إجرام في حق الشعوب وأمنهم، ومؤمنا بما جاءت به النصوص الشرعية من عدم منازعة الأمر أهله، ولكنه يكتم إيمانه، خوفا على نفسه ومصلحته.