إن كنت مسافرا على الطرق البرية، فبالتأكيد ستجد لوحات إرشادية من الحجم الكبير مكتوبا عليها «بداية الجزء من الطريق التابع لـ....»، و«نهاية الجزء من الطريق التابع لـ....»، ولا أقصد النهايات التي بين المناطق، بل داخل المنطقة الواحدة نفسها.

وإن فاتتك اللوحات الإرشادية هذه دون أن تدير لها بالا، فلن تفوت هذه البدايات والنهايات على سيارتك وأكتافك المتراقصة «سامري» مع كل تغيّر بين اللوحتين، وهنا مربط الفرس الذي وضعت من أجله هذه اللوحات.

فبدلا من أن كنت تمشي قبل ثوان معدودة على طريق يحوي 3 مسارات، وبلوحات إرشادية جديدة وموضوعة بالشكل الصحيح، وطريق مرصوف بطريقة آمنة لا تشكل خطرا في الظروف المناخية المختلفة، كالأمطار والغبار وغيرها، ستفاجأ بأن كل شيء حولك اختلف فجأة.

سترى لون الطريق اختلف من الأسود إلى الرصاصي الفاتح، ولم يعد للخطوط البيضاء والصفراء أي وجود، وستجد أنك تلعب بسيارتك لعبة «Snake»، لتتفادى السقوط في حفر الأمطار التي فترة لا تقل عن عام مالي دون طمرها بـ«شوية زفلت» لن يكلف شيئا.

لتفسير هذا الحلم المزعج، فالخط الأسود الجميل تابع لفرع وزارة النقل في تلك المنطقة، أما الخط المتهالك فهو يتبع بلدية تلك المدينة أو المحافظة. أي أن كل جزء من هذا الطريق يتبع وزارة مختلفة.

وللعلم، فالعكس صحيح تماما، فأحيانا أخرى تجد أن الطرق التابعة للأمانة أو البلدية لها جودة أعلى من الطرق التابعة لوزارة النقل في تلك المنطقة.

هذه التفاصيل والتعقيدات بين الجهات الحكومية، يُفترض أنها لا تهمّنا ولا تخصّنا، ولا علاقة لنا بها. فلو -لا قدر الله- حصل لك ولصاحبك الذي يسبقك بأمتار معدودة حادث مروري بسبب خلل في هذا الطريق، فستكتشف حينها الفرق في التعامل مع معاملتك ومعاملة صاحبك الذي يسبقك بأمتار معدودة، إذ ستذهب كل معاملة إلى وزارة مختلفة، وكل وزارة لها إجراءاتها في التعامل. والموظفون الذين ستعرف وجوههم وأسماء أكبر أولادهم والبوفيه الذي يفطر فيه مديرهم، تختلف عن الوجوه والأسماء والبوفيهات التي سيعرفها صاحبك، وهذا دليل على عدم وجود تكامل فيما بينهم لخدمة المواطن. ورغم أن تفعيل التكامل الحكومي، الذي هو أحد النقاط المهمة في رؤية 2030، إلا أنه ما زال من الطبيعي أن تجد من لديه معاملة على الطرق، يواجه بجملة واحدة، معاملتك مكان وقوعها بعد «نهاية الجزء التابع لنا وانت تصرف».