في اللقاء المطول مع الدكتورة خولة الكريع في برنامج «من الصفر» ذكرت قصة انضمامها لمجلس الشورى، وكيف بعد فترة ليست بالقصيرة، وعدد من المحاولات منها للعودة إلى مختبرها استطاعت إقناع القيادة العليا أنها سعيدة بهذا التشريف، لكنها ستفيد الوطن أكثر وهي في مكانها المناسب في المعمل في المستشفى التخصصي.

في الواقع لم تكن تلك المرة الأولى التي تغير فيها خولة الكريع مكان عملها ودورها، ولو رجعت للحلقة ستلاحظ هذا، وستجد أنها تخلت عن دور أكاديمي إلى دور ربما أقل نفعا ماديا وراحة في سبيل أمر واحد، وهو أن تتواجد في المكان الأصلح، والذي يعني أنها تستطيع فيه أن تحقق أهدافها.

واليوم خولة الكريع تنتقل لمكان يناسبها أكثر وهو جامعة هارفرد، كما أنه سيقدم كثيرا للسعودية ولطموحنا في المنافسة علميا في العالم كله.

إن هذا الوعي للأسف قليل جدا في بلادنا العربية، حيث يطمح الناس للمكانة التي يكرمون فيها مثل تبوؤ المناصب بغض النظر عن كونهم قادرين أو غير قادرين على أداء مهام المنصب، أو وجود مكان آخر يوفر تواجدهم فيه نفعا للوطن أكثر مما يورط بلداننا في كثير من الضعف والأداء السيئ.

لا شيء أجمل من أن يقتنع الشخص أن التكريم اللائق به هو وضعه في المكان الذي سيبدع فيه، والذي تؤهله إمكاناته لشغله، وليس هناك ما هو أشد حرجا أن تكون في مكان بعيد عن ما تقدر عليه وتعرفه ودرسته وفهمته، وأيضا ليس هناك ما هو أكثر وجعاً من أن تمارس شيئا لا تستمتع وأنت تؤديه، لمجرد أنك تريد أن يتحدث الناس أنك حصلت على المنصب الفلاني، أو يتباهى ربعك بأنك أصبحت تحمل لقب المستشار أو عضو مجلس كذا، بينما في داخلك تشعر أنك تنتمي لمعمل أو قاعة محاضرة وسط طلابك، وبعد كل هذه المعاناة يأتيك خطاب إعفاء، ويتحدث الناس أنك لم تكن جيدا كفاية، وتسببت في كثير من المعاناة لأناس لم يكن لهم ذنب أنك لم تراجع قراراتك وتعتذر لمن لا يعرفك ورشحك بقول:

ليتني أستطيع قبول تكريمك لكني لا أصلح لهذا.