تصاعد الرفض الدولي للعملية العسكرية التركية ضد الفصائل الكردية شمال شرقي سورية، رغم فشل الأوروبيين والعرب، خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن في دفع الأعضاء إلى تبنّي بيانٍ يُعرب عن «القلق العميق» ويدعو أنقرة إلى «وقف» الهجوم على شمالي سورية، بينما لوحت أوروبا مجدداً بفرض عقوبات على أنقرة وتعليق عضويتها في حلف الناتو. وأعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج عن «مخاوف جدّية»، أمس، بشأن العملية العسكرية التركية، داعيًا أنقرة إلى «ضبط النفس». وقال ستولتنبرج للصحفيين في إسطنبول خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو «أعربت عن مخاوفي الجدّية بشأن هذه العملية الجارية وخطر تسببها بزعزعة الاستقرار بشكل إضافي في المنطقة»، مضيفًا أنه «بينما لدى تركيا مخاوف أمنية جدّية، نتوقع منها التحلي بضبط النفس»، بينما ندد تشاوش أوغلو بالحكومات الأوروبية التي انتقدت الهجوم التركي على وحدات حماية الشعب الكردية.

مبادرة أميركية

على صعيد آخر، تُناقش الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بمبادرة من الولايات المتّحدة، بيانا يدعو تركيا التي تشنّ عمليّة عسكريّة في شمالي سورية إلى العودة للدبلوماسيّة.

ويأتي هذا الإجراء بعد ما عجز الأوروبيون، خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن، الخميس، في دفع جميع أعضاء المجلس إلى تبنّي بيانٍ يُعرب عن «القلق العميق» ويدعو أنقرة إلى «وقف» الهجوم على شمال سورية، وذلك بعد ما شكّلت روسيا العائق الأكبر أمام تبنّي موقف موحّد في مجلس الأمن.

فرض عقوبات

من جهة أخرى، قالت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية إميلي دو مونشالين، إن مسألة فرض عقوبات أوروبية على تركيا إثر تدخلها في شمالي سورية «ستبحث في القمة الأوروبية الأسبوع القادم».

وردت المسؤولة على سؤال عن احتمال فرض عقوبات أوروبية على تركيا بقولها «بديهي أن هذا مطروح للبحث في القمة الأوروبية الأسبوع المقبل»، وأضافت أنه «سيُناقش خلال اجتماع المجلس الأوروبي الأسبوع المقبل».

تعليق العضوية

وقالت الوزيرة الفرنسية «يمكنكم أن تتخيلوا أننا لن نقف متفرجين أمام وضع لا يشكل صدمة فقط للمدنيين الذين يتعرضون لهذا الأمر، الصادم كذلك لقوات سورية الديمقراطية التي رافقت على مدى خمس سنوات أنشطة التحالف، لكنه مروِّع بشكل خاص بالنسبة لاستقرار المنطقة»، وقالت: «الإدانة صارمة لكنها لا تقتصر على الإدانة الشفهية. سنتحرك».

وحول اقتراح فرنسا تعليق مشاركة تركيا في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، قالت أميلي مونشالين دون توضيح «كل هذه المناقشات ستجري على المستوى الأوروبي».

عودة داعش

من جانبه، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، من أن العملية العسكرية التي تنفذها تركيا ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سورية قد تحيي خطر تنظيم داعش في المنطقة.

وقال بوتين خلال قمة لدول الاتحاد السوفياتي سابقا في عشق آباد عاصمة تركمانستان، إن الآلاف من مقاتلي تنظيم داعش المحتجزين في معتقلات تحت إشراف الأكراد قد يستعيدون حريتهم مضيفا «أنه تهديد حقيقي لنا، لكم فأين سيذهبون وكيف؟»، وتابع «لست واثقا أن بإمكان الجيش التركي السيطرة على الوضع أو السيطرة عليه بسرعة».

تطورات ميدانية

تخوض قوات سورية الديموقراطية اشتباكات عنيفة ضد القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها في شمال شرقي سورية، في محاولة لصدّ هجوم بدأته أنقرة قبل يومين وأجبر عشرات آلاف المدنيين على النزوح.

وتستمر حركة نزوح المدنيين جراء الهجوم بعد ما أحصت الأمم المتحدة فرار سبعين ألف مدني باتجاه مناطق آمنة، بينما قال مصدر في قوات سورية الديموقراطية من داخل بلدة رأس العين الحدودية «تحاول القوات التركية الهجوم من محاور عدّة لكسر خطوط دفاعنا لكن قواتنا تتصدى لها».

استعادة قريتين

وشاهد صحفيون مجموعات من فصائل سورية موالية لأنقرة تدخل، صباح أمس، إلى أطراف رأس العين من الجهة التركية، وقالوا إن سحباً من الدخان تصاعدت من البلدة بينما يمكن سماع أصوات رشقات وقصف مدفعي تزامناً مع تحليق الطيران.

وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن عن اشتباكات عنيفة بين الطرفين «تتركز على جبهات عدّة في الشريط الحدودي الممتد من رأس العين «الحسكة» حتى تل أبيض «الرقة»»، تزامناً مع قصف مدفعي مكثف وغارات تركية متفرقة، بينما أعلنت قوات سورية الديمقراطية عن استعادة قريتين ليلاً غداة سيطرة الجيش التركي والفصائل على 11 قرية حدودية.

بلا مأكل ومأوى

وبحسب المرصد، فإن عشرات من السكان العرب في المنطقة بدؤوا القتال مع القوات التركية فور إطلاق هجومها، وإن بعض القبائل العربية اصطفت إلى جانب القوات التركية وتحرّكت خلايا نائمة لمهاجمة قوات سورية الديموقراطية، بينما باتت بلدات حدودية بأكملها شبه خالية من سكانها.

وفرّ عشرات الآلاف من المدنيين من بلداتهم إثر بدء تركيا مع فصائل سورية موالية لها، ليل الأربعاء، هجومها ضد المقاتلين الأكراد في حين باتت مناطق تعرضت للقصف أو تدور اشتباكات في محيطها بين القوات التركية والمقاتلين الأكراد شبه خالية من سكانها.

التطورات السياسية والميدانية بعد الهجوم التركي

- حلف الأطلسي يدعو تركيا لضبط النفس

- مجلس الأمن يناقش مبادرة تدعو تركيا لخيار الدبلوماسيّة

- قمة أوروبية تبحث فرض عقوبات على تركيا

- فرنسا تقترح تعليق مشاركة تركيا في حلف الناتو

- تركيا تسيطر على 11 قرية والأكراد يستعيدون اثنين منها