مصطلح (الهوية) لوحده يعد إشكالا في المفهوم، فالأيديولوجيا الشمولية (إسلامية، ستالينية، فاشية، نازية) تعده أحد المحددات العقائدية الحادة والضرورية التي تصنع من خلالها التمايز عن الآخر بهدف الاحتقار (الأيديولوجي بغطاء عرقي أو ديني أو طبقي... إلخ)، فالتمايز عبر الهوية في العقل الشمولي يحمل مضمونه العدواني تجاه الآخر استعلاءً عليه أو احتقاراً له، ولا يحمل أي دلالات تنوع وتسامح مهما اضطرته الظروف للانحناء.
الهوية المطروحة هنا لا نريد أن تقع في أي محددات متعالية على أي تنوع بشري، ولا أن تحمل مضموناً استعدائياً أو استعلائياً للمخالف لها، بل لديها استعداد في التنوع والتعددية والعيش المشترك يمكنها من المشاركة الفاعلة في الحضارة الإنسانية في جميع مجالاتها من الرياضة البدنية حتى أدق مسائل الرياضيات، ومن أقصى أحاسيس الفن في استعمال القانون كآلة لأداء معزوفة، إلى أقصى مفاهيم القانون كعدالة للمنافسة في حقوق الإنسان على مستوى العالم.
هوية المرأة فيها دلالة عامة ودلالة خاصة، فالمرأة لها حق المساواة بالمطلق مثلها مثل أي إنسان على وجه الأرض وفق مواثيق حقوق الإنسان المعترف بها دولياً، وبالمقابل لها حق العدل وفق معطى النوع كأنثى، والخطورة تكمن فيمن يستغل دلالة العدل في النوع ليبخس المرأة حقها في دلالة المساواة كإنسان، وتلك حيلة سمعناها لدى الممانعين لحقها الطبيعي في قيادة السيارة.
نحن نتفوق على بعض الدول في حق المرأة كإنسان في مجال المساواة في الراتب مثلها مثل الرجل، مع ضمان العدالة في مسائل الحمل والولادة وفترة الرضاعة، وهذا مما يحسب لنا، ويجعلنا منافسين في ميدان حقوق الإنسان، ولكن المشوار يبقى طويلاً في النظرة الذكورية المتزمتة التي تجعل من (الكوتا النسائية) ضرورة سياسية في كثير من المؤسسات التي تؤكد الواقع الاجتماعي الذي يعجز عن اللحاق بالسياسي حتى الآن.
هوية المرأة باختصار يجب أن تتجه لتصبح (هوية إنسان) والإنسان أي إنسان حتى (ذوي الاحتياجات الخاصة) يستحقون فرصة إطلاق المواهب والملكات في كل المجالات التي من خلالها يحققون ذواتهم، ومن المفارقات أن توفير سيارة لبعض ذوي الاحتياجات الخاصة بتصميم يتناسب وإعاقتهم ليتمكنوا من قيادة السيارة سبق قرار السماح للمرأة بقيادة سيارتها، أي أن حتى ذوي الاحتياجات الخاصة وجدوا فرصتهم في كثير من المجالات قبل المرأة، وما دمنا في زمن العمل وليس زمن البكاء على الحليب المسكوب، فمن الواجب صناعة هوية طبيعية لا تعيدنا إلى مربع (الخصوصية) الذي اختنقنا به قديماً لتصبح خصوصية المعاق العاجز لا خصوصية الثقافة المنافسة للأفضل والأرقى حضارياً.