وقعت عيناي على مجلة أنيقة اسمها «الأخبار الإيجابية».

شد الاسم انتباهي، فتناولت المجلة وبدأت في استعراض ما فيها من أخبار. حوت المجلة أخبارا إيجابية تحلّق معها الروح بخفة وسعادة، وينتقل الإنسان فيها من ابتسامة لابتسامة أعرض. ليس هذا فحسب، بل حوت كذلك لقاءات ومقالات لضيوف عاديين، قادرين على السرد الشخصي ورواية قصص إلهام صغيرة، تستحق أن تبقى في ذاكرة الأيام.

الأجمل والأهم، أن هذه المجلة لا تبيع الوهم، فهي تعتمد على الإحصاءات العالمية والمحلية المدعّمة بالأبحاث العلمية، ولم تبْنِ محتواها على كتب تطوير الذات والتنمية البشرية، أو هالة الطاقة والجذب فقط، وهذا يتناسب -ولا شك- مع الشريحة التي تستهدفها هذه المجلة، كما جاء في مقدمتها، وهم الأشخاص الإيجابيون وصنّاع القصص الناجحة، ومع الصورة الذهنية المبشرة بالتحسن التي تسعى إلى رسمها، والفكرة النبيلة التي تروِّج لها بين السطور.

غمرني شعور جميل جدا بعد قراءة هذه المجلة، مما دعاني إلى الاطلاع على موقعهم. فالمجلة حديثة نسبيا، وهي قائمة تماما على المؤشرات الإيجابية في الشأن المحلي والدولي.

مثلا، انخفاض الانبعاث الحراري في المكسيك لهذا العام، أو تعافي ثقب الأوزون بنسبة 15%، أو زيادة نسبة المتعافين من الأمراض الشرسة بسبب هذا العقار أو ذاك، وغيرها مما يسرّ القراء ويحسّن أمزجتهم.

بنظرة فاحصة للمحتوى، وجدت أن هذه المجلة لم تكذب ولم تقل كل الحقيقة.

ما فعله المحررون، هو رؤية الجانب الإيجابي لكل قصة، وقراءة البيانات بطريقة متفائلة. فتعافي المزيد من المرضى لا ينفي أنّ هناك من لا يزالون يموتون بسببه، وانخفاض الانبعاث الحراري في المكسيك لا ينافي زيادته في دولة أخرى.

لكنهم نجحوا في نقل الإيجابيات في زمن يتناول فيه الجميع الأخبار السلبية العاجلة على وجبة الإفطار.

إن تحليلنا لأحداث الحياة لا يتم بمعزلٍ عن الإطار الفكري الذي نتبناه، وما نراه هو ما نركز عليه حتى يصبح جزءا لا يتجزأ من تركيبتنا الشخصية وهويتنا. ولعلنا نتفق أن أحداث الحياة ليست دائما مبهجة، لكن للقصة الواحدة روايات متعددة باختلاف الرواة، وهذا تحديدا سِرّ شهرة المثل المتداول عن الكأس نصف الممتلئ.

ففي حين يراه أحدهم ممتلئا إلى النصف، يصر البعض الآخر على أن هذا الكأس نصف فارغ. فما الذي يجب علينا أن نركز عليه فعلا؟

شخصيا، سأختار الإيجابية القائمة على الوعي، والمرتبطة بالسعي الجاد والصدق والعمل، والتفاؤل بغدٍ جميل مشرق يرتبه لنا الله سبحانه، ويوفقنا لصناعته على مهل.