بعد مقطع الشباب العرب الذين تفاخروا بتحرشهم بالفتيات السعوديات في أحد الكمباوندات في مدينة الرياض. بدأت أفكر في وضع هذه المجمعات السكنية، ورغبة مني بمشاركتكم، فإنني أكتب لكم هذا المقال.

أيها السادة، أعتقد أن هذه الكمباوندات تم السماح لها في فترة سابقة، رغبة من الحكومة بتوفير أجواء مناسبة وأخف تشدداً للأجانب الغربيين الذين جلبتهم للعمل لديها. أجواء سكنية تحاكي بيئاتهم التي جاؤوا منها، وهي بطبيعة الحال بيئات تختلف تماماً عن بيئة المملكة الاجتماعية والدينية. وهي في وجهة نظري، ليست مجرد أمر مقبول، بل متميز جداً إذا أخذناه في سياقه التاريخي الذي حصل فيه. حيث لا يمكنني أن أبحث عن الأشخاص المتميزين ممن نشأوا في بيئات لا ترى بضرورة الفصل التام بين الجنسين، ثم أحاول أن أستقدمهم للمملكة ليطوروا معي العمل في القطاع الخاص أو حتى العام ويجعلوه منتجاً وقوياً ومتميزاً. وفي نفس الوقت لا أوفر لهم الأماكن التي يرتاحون فيها، خصوصاً بعد انتهاء الأعمال الرسمية التي جاؤوا من أجلها. أنا أتفق مع هذه النظرة التي توضح فلسفة بناء هذه الكمباوندات في الفترة السابقة.

في مقابلة سابقة مع ولي العهد، قال: إنه بحث عن مديرين تنفيذين غير سعوديين لمؤسسة مسك، ولم يجد. حيث إن رفض كثير من الأجانب المتميزين لهذه الوظيفة، يعود لعدم رغبتهم بالعيش في المملكة، وذلك لأن الحياة فيها ليست بالنمط والجودة الجيدة.

معنى هذا أن قيادة المملكة ترى أن هناك إشكالات كبرى في هذا الملف، ولذلك سعت جادة جداً لأن تقدم إصلاحات كبيرة لإنهاء هذه النظرة العالمية للأوضاع الحياتية الداخلية بالمملكة. وعليه، فإننا شاهدنا تحولات كبيرة في طريقة التعامل مع الأفراد من الشعوب والثقافات الأخرى. وكخطوة تالية، أطلقت السعودية شعار (أهلاً بالعالم). حيث استهدفت فيه أن تصبح من الدول الخمس الأولى في صناعة السياحة وجذب السائحين من كل دول العالم. ولذلك فإنه بالضرورة لا بد وأن يصبح الاختلاط مع الأفراد من الثقافات الأخرى واقعاً معاشاً وطبيعيا.

وسؤالي هنا: ما العوامل التي تبرر اليوم إبقاء هذه الكمباوندات على وضعها السابق التي من أجلها أُنشئت؟ أيضاً يمكنني أن أتساءل من جانب آخر، كيف يمكننا أن نوفر حياة طبيعية للأجانب، ونحن لا زلنا نحيطهم بمساكن خاصة، لها أنظمة خاصة ولها ترفيه خاص؟ كيف نأتي بالمتميزين من غير السعوديين ليحسنوا بيئات العمل لدينا، ثم نسكنهم في هذه التجمعات السكنية الخاصة جداً، ونحيطهم بالأسوار العالية، والبوابات الحديدية الضخمة، وبذلك نبعدهم عن التأثير والتأثر بالمواطنين الذين جاؤوا في الأساس لخدمتهم والعمل معهم؟

هذا ما يتعلق بفلسفة وجود الكمباوندات، أما ما يتعلق بممارستها الحالية. فإنني أتساءل حقيقة. لماذا هذه الكمباوندات تسمح لكل الشباب الذين لا يحملون الجنسية السعودية (أياً كانت دولهم) بالدخول والاستمتاع بمطاعمها وكافيهاتها. وتمنع أي شخص يحمل الجنسية السعودية من الدخول لها؟ رغم أن فكرتها الأساسية كانت موجهة لكبار الموظفين من الدول الغربية كما أشرت سابقاً. أيضاً، لماذا في نفس الوقت الذي يمنع فيه السعوديون من الدخول، يسمح فيه للفتيات السعوديات بالدخول؟

أتمنى فعلاً من أمراء المناطق الالتفات لهذا الأمر وإعادة تنظيمه.