من الصعوبة بمكان أن أفرد فكرتي في هذه الزاوية الضيّقة، ولكن حسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق، وكما قيل الخطُّ ما قُرِئ والباقي صنعة، ونقيس عليه قولنا الصوت ما سُمع والباقي إزعاج، وبالتالي فسأوصل فكرة هذا المقال بشكل مختصر، وأترك التفاصيل لسعة أفق القارئ الكريم.

مما لاحظته في مجتمعنا الخليجي وربما العربي هوس البعض لاسيما «الإسلامويون» بالصراعات والمؤامرات، فترى خطابهم ومقالهم وتغريدهم عن وجود صراع دائم وقوي تجاه الدين بزعمهم.

وهم لا يكتفون بكونه صراعاً مصطنعاً من عدو خارجي متوهم ومبالغ فيه، وإنما يهولون ويبالغون ويعطون الانطباع أن كل حياتنا صراع من فئة منافقة أو كافرة ضدهم، ولذا يكثرون من جملة «الصراع بين الحق والباطل»، مما يجعلهم بهذا الخطاب الموجه التحريضي التعبوي للتجييش والتجنيد من أجل الحصول على أمرين.

أولهما: شيطنة الخصم وتبرير الهجوم عليه باعتباره من الباطل ولو كان مسلماً مؤمناً محسناً لمجرد كونه وسطياً تجديدياً مستقلاً.

ثانيهما: تبرير تقليديتهم وتشددهم وأدلجتهم.

ومن ذلك شيطنة الإعلام والترفيه والسياحة والثقافة والرياضة وتمكين المرأة لمجرد أنه ليس تحت أيديهم كبقية المراكز والمنابر التي تغلغلوا فيها، ناهيك عن غلوهم واعتدائهم على أعراض العباد وتنمية البلاد، فتجدهم يقدمون أنفسهم كبديل «إسلاموي» وكأن الواقع كفري، وكأن الوطنيين المسلمين المؤمنين المحسنين المجاهدين لخدمة وطنهم والمحتسبين لمكافحة التطرف والإرهاب والأدلجة ليسوا سوى منافقين تمهيداً لمزيد تغلغلهم.