في كل مرحلة زمنية يتغير الواقع الفكري والسلوكي حسب الظروف، فيحتاج لرصد ومتابعة، وتحليل ومعالجة، فتتغير أولوية المعالجات حسب الحراك الخطابي والواقع الميداني.

وفي الفترة الماضية حين انتشر التطرف اليميني (الغلو) اقتضى الأمر مقاومته فكرياً ومكافحته أمنياً، وحينما ينتشر تطرف يساري (الانحلال) بالأقوال أو الأفعال فيجب الوقوف تجاهه بنفس طريقة مواجهة التطرف الديني المتشدد بفكره التكفيري والإرهابي.

وفي الفترة الحالية انتشرت عدة أنواع من التطرف، كالتطرف «النسوي» باستفزاز قيم المجتمع، والتطرف «العنصري» سواء ضد المواطنين أو المقيمين، وأسوأها التطرف «الوطني» والسلوك التخويني حتى تجاه وطنيين مخلصين ضحوا كثيراً بلا مقابل، ثم يأتي مجاهيل «متبرقعون» يزايدون عليهم، ويحتكرون الوطنية وهم يمارسون نقيضها، ويصادرون حق الآخرين في الاختلاف الإيجابي.

وبالرصد والتحليل وجد غالبهم مجهولي الهوية، ولا يُعرف جنسهم ولا جنسيتهم، ولا سيرتهم ومسيرتهم، في حين أنهم كانوا بالأمس يكافحون الإخونجية مع من يزايدون عليهم اليوم، ثم أتوا ليمارسوا أفعال المؤدلجين وربما أسوأ تجاه الوطن وهيئاته وفعالياته، والتحريض على رجالاته ونشاطاته.

وحينما زايدوا بالوطنية خلطوا الأوراق ليصطاد الخونة في المياه التي عكرها هؤلاء المراهقون، وأشغلوا المخلصين عن واجباتهم الوطنية، واصطفوا مع الإرهابيين في مهاجمتهم للوطن ورجاله الرسميين والفكريين، وضللوا الناس بأنهم مدعومين، والأسوأ أن «البعض» قد قربهم ومكنهم، فتمادوا في ضلالهم وتوزيع صكوك غفرانهم في حين أن أكثرهم يخجلون حتى من كشف هوياتهم.