قبل قليل وأثناء تصفحي تطبيق الواتساب، إذا بعيني تقع على ملاحظة صوتية تم تداولها، فحواها عبارة عن امرأة تسب وتشتم ساخطة على بنات جنسها، والسبب يعود إلى أن الفتاة السعودية أصبح لها حق الاختيار في كثير من الأمور التي لم يكن يحق لها اتخاذ القرار فيها بمفردها، بل لا بد لها من توابع ومراجع وما إلى ذلك. ولكن ليس هذا المقصود بحديثي وتعجبي بل السؤال الحائر اليائس من الإجابة، لماذا في كل مرة تحقق النساء السعوديات تقدما في إثبات مكانتهن، وأن لهن مثل ما للجنس الآخر من حقوق، إذا بي ألحظ وسائل التواصل الاجتماعي تأذن لنفسها بالاستهجان!. ولكن ما يثير العجب في نفسي كل مرة، ليس رأي الطرف الآخر الذي لا بد أن يعترض على أن تنال المرأة حقا لها، هم النساء الرافضات لتطبيق حقوقهن!.

أذكر أني كنت في مجلس، ودار حوار عن شغل النساء للوظائف في الأسواق والمراكز التجارية، كانت لغة الحوار واحدة تقريبا، أن ليس هنالك امرأة ستكون في هذا الموضع وهذا المسمى الوظيفي، إلا وقد رضيت أن تتنازل عن شيء من أخلاقها، كأن عملها هذا خادش للحياء أو لتعاليم الدين!. في حين لو استوقفنا التاريخ قليلا لوجدنا حديث ابن سعد حين روى «أن زينب بنت جحش زوج الرسول، صلى الله عليه وسلم، كانت امرأة صنّاع اليدين، فكانت تدبغ وتخرز وتبيع ما تصنعه». وعن الربيّع بنت معوذ قالت: «كان عبدالله بن أسماء بنت مخربة يبعث إليها بعطر من اليمن، وكانت تبيعه إلى الأعطية، فكنا نشتري منها». لذا يبدو لي يا عزيزتي أن المجتمع ليس هو فقط من يحاربك ويرفض استقلالك بل بنات جنسك. وبالرغم من أني كنت أمُقت مقولة أن عدوة المرأة هي المرأة، إلا أن هذا هو ما ينطق به لسان حال مجالسنا وحواراتنا وتطلعاتنا، والحديث غالبا لا بد أن يدور ويظهر مؤيدين ومعارضين، ولكن كثيرا ما أقول، الجميع يتحدث حتى في حال عدم وجود شيء مهم لديه، لا بد أن يتحدث.