أعاد خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله حول مظاهرات لبنان المستمرة لليوم الرابع على التوالي، الأذهان إلى ما حدث في المظاهرات التي ظهرت في العراق قبل أسابيع، وكشفت معلومات آنذاك أن إيران استعانت بفصائل مسلحة لنشر قناصة على أسطح البنايات في بغداد خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وظهرت فيها أيضا تصريحات لذراع إيران في العراق، الحشد الشعبي، الذي أبدى استعداده لقمع أي مظاهرات.

رد قوي ضد الخطاب

هدد نصر الله المتظاهرين بنزول أنصاره إلى الشارع، ولم يتوقف عند هذا الحد بل تجاوز إلى تهديد الدولة بأكملها. رد الفعل كان خلاف توقعات عميل إيران في لبنان، إذ رد عليه نحو مليون لبناني بالنزول إلى الشوارع رافعين الأعلام اللبنانية فقط، كما ورد على لسان أحد المحللين على الموقف.

لم ينتهِ حسن نصر الله من خطابه حتى أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ليلا استقالة وزرائه الأربعة من الحكومة تحت ضغط الشارع، في خطوة رحب بها المعتصمون في وسط بيروت. وقال في مؤتمر صحفي، عقده شمال بيروت: «توصلنا إلى قناعة أن الحكومة عاجزة عن اتخاذ الخطوات المطلوبة لإنقاذ الوضع، ومن هذا المنطلق قرر تكتل لبنان القوي الطلب من وزرائه التقدم باستقالتهم من الحكومة».

الفساد وسوء الإدارة

استمرت المظاهرات، أمس، لليوم الرابع على التوالي، للمطالبة برحيل الطبقة السياسية التي يحملون عليها فسادها وعجزها عن إدارة أزمة اقتصادية خانقة. وتأخذ التحركات منحى تصاعديا، منذ الخميس، مع ازدياد أعداد المتظاهرين تباعا وخروج عشرات الآلاف من مختلف المناطق والاتجاهات السياسية إلى الشوارع.

وانهمك متطوعون في سط بيروت صباحا في تنظيف الساحات والشوارع بعد ما تولت مجموعات منهم تقسيم المهام وتوزيع الأكياس والقفازات على الشبان والشابات الذين عملوا بحماسة.

وفي وسط بيروت، عقد متظاهرون حلقات رقص ودبكة، وارتفع صوت الأغاني المسجلة والأناشيد الوطنية في عدد من أماكن التجمع. وأحضر البعض معهم آلات موسيقية استخدموها لمواكبة المتظاهرين في الهتافات.

وعلى بعض الجدران حيث المحال التجارية الفاخرة والمصارف، ترك متظاهرون شعاراتهم، وبينها «لبنان للشعب» و»الوطن للأغنياء، الوطنية للفقراء».

لا للحزبية

في مؤشر على حجم النقمة الشعبية، بدا لافتا خروج تظاهرات غاضبة في مناطق محسوبة على أحزاب سياسية نافذة، أحرق ومزق فيها المتظاهرون صورا لزعماء وقادة سياسيين، في مشهد غير مألوف خصوصا في معاقل حزب الله وحليفته حركة أمل. وأعلنت جمعية المصارف في بيان، أمس، أنها ستبقي أبوابها مقفلة، اليوم.

وتأججت النقمة الشعبية ضد السلطات، مؤخرا، بعد ارتفاع سعر صرف الليرة في السوق السوداء مقابل الدولار للمرة الأولى منذ 22 عاما، من دون أن تقدم السلطات تفسيرا واضحا لذلك.

انتهاء مهلة الحريري

تنتهي، مساء اليوم، مهلة الـ72 ساعة التي منحها رئيس الحكومة سعد الحريري لـ»شركائه» في الحكومة، في إشارة إلى التيار الوطني الحر بزعامة عون وحزب الله وحلفائهما الذين يملكون الأكثرية الوزارية، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في إصلاحات تعهدت حكومته القيام بها العام الماضي أمام المجتمع الدولي، مقابل حصولها على هبات وقروض بقيمة 11.6 مليار دولار.

وتدرس مكونات الحكومة ورقة اقتصادية اقترحها الحريري للحدّ من الأزمة.

وسجل الاقتصاد اللبناني عام 2018 نموا بالكاد بلغ 0.2 %، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة في إجراء إصلاحات بنيوية في البلد الصغير الذي يعاني من الديون والفساد. ويعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. ويُقدّر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 % من إجمالي الناتج المحلي.

أبرز مطالب الشعب اللبناني

- إسقاط الحكومة لاتهامها بترسيخ المحسوبية ودفع الاقتصاد صوب الهاوية

- رفض توجه الحكومة إلى إقرار أي ضرائب جديدة

- حل مشكلة غلاء المعيشة والبطالة وسوء الخدمات العامة

- المطالبة بحرب شاملة على الفساد ورؤوسه