يقال إن رجلا كان يُصنّف من أغنى أغنياء العالم حينها، إلا أن عظام جمجمته وُجِدت في خزانته المهولة، التي بنى حولها قصرا وملأها بالذهب والمجوهرات والدولارات والزمرد و.... و.... إلخ، وبجانبها ورقة كتب عليها «أغنى أغنياء العالم يموت جوعا».

والسبب في موته جوعا هو انغلاق باب خزانته عليه بالخطأ وهو بالجوار، ولم يسمعه أحد من الخارج، وبعد أن فقدته أسرته وتوارثوه، قرروا «يشوفون وضع القصر المعزول هذا»، ووجدوا عظام والدهم المفقود «وهي رميم» في هذه الخزانة، التي بها من الأموال والأصول ما كان ليعزم نصف سكان العالم على «وجبة بروستد»، ولن تنفد تلك الأموال التي لم يستطع مالكها أن يأكلها وهي على هيئة أوراق مالية وأحجار كريمة وسبائك معدنية، كلها -وللأسف- خلقت بطريقة لا تستطيع معدة هذا الرجل هضمها، فلم تفده.

وفي مشهد مماثل في مسلسل «فرقة ناجي عطا الله»، وبعد أن عاد الزعيم «عادل إمام» بالأموال التي سرقها من بنك إسرائيلي، أجبرته الظروف على أن يمرّ على إحدى الدول الإفريقية الفقيرة، وبدأ الأطفال الذين أوشكوا أن يموتوا جوعا، بمطاردة باص تلك العصابة، يطلبون منهم لقمة تبقيهم أحياء لعدة ساعات قادمة.

فقام البطل بعد أن تأثر بأحوالهم، وقرر أن يكرمهم بأكثر من حاجتهم، فرمى عليهم رزما من عشرات آلاف الدولارات، فأخذها أحد الأطفال الجائعين، وحاول أن يأكلها، وبعد أن وجد هذه الأموال ما هي إلا مجموعة من الأوراق غير الصالحة للاستهلاك الآدمي «ليست أكلا»، رماها لأنه ليس بالجوار «هايبر ماركت» ولا «مايكرو ماركت»، أو حتى «حتة ساندوتش».

الخلاصة، بعد هذه المشاهد من التجويع، كم من أطفال بيننا نغدق عليهم الأموال ونرميها عليهم، عبارة عن أجهزة إلكترونية وملابس «ماركات عالمية» و... و...إلخ وينظرون إليها ويقلّبونها ويرمونها، لأنهم يموتون جوعا للأمان الأسري الذي لم يطعموه، بسبب أن أمهم صرخت على أبيهم وهو يشاهد مباراة «الديربي» فطلّقها.

كم من مرضى ماتوا من العدوى البكتيرية في مستشفياتنا، ونحن نمطر مباني وزخرفات «وثريات ونجفات» ذلك المستشفى بملايين الريالات، والتعقيم ومكافحة العدوى يموتون جوعا للاهتمام والتدريب والملاحظة المستمرة، وكم وكم وكم من أشياء ماتت جوعا ونحن نغذّي كمالياتها ونسينا أصلها.

نظرة إلى السماء: هل رأيت شجرة فرعها يتغذى وأصلها مقطوع؟!