يعمل بعض الناس في وظائفهم باعتبارها مصادر رفاهية، ولا يشعرون بالسعادة إلا عند رؤية الإنجازات، وقد تجد هذه الفئة من الموظفين يعملون حتى في الإجازات الأسبوعية، بل وحتى في إجازاتهم في الخارج، وهو ما قد يراه بعضهم عملا غير طبيعي، بافتراض أن العمل مشقة.

الرفاهية لا يجب أن تكون مجرد نشاطات حفلات وسفر وتجمعات ولعب وغيرها، فقد يكون العمل مصدرا للشعور بالسعادة، خاصة للأشخاص الذين يهربون من منطقة الراحة باعتبارها مرحلة خطر قد تتسبب بالتراجع في مصدر الدخل، وفي فرص الترقيات والتقدم.

تقوم بعض الشركات بمحاولة إجبار الموظفين للحصول على إجازاتهم، والتي قد تتراكم لأسباب، سواء كانت حاجة الموظف لاستبدالها بالمال، أو عدم امتلاكه تكاليف الترفيه في الإجازة، أو عدم امتلاكه أي خطة رفاهية، أو رغبته في الإنجاز والبقاء مع الفريق، لضمان عدم خسارة فرص التقدم، أو حتى بسبب حبه للعمل.

تظل الإجازة عاملا أساسيا لتجديد النشاط وتخفيف الضغط، سواء كانت إجازة أسبوعية أو سنوية، ولكنها لا يجب أن تكون هدفا وغاية وطريقة حياة لأصحاب الطموح العالي، والراغبين في تحقيق الإنجازات النوعية.

دوافع الناس تختلف، فليس كل من يعمل هدفه التغيير والتقدم، ومن حق هذه الفئة أن تعيش كما تريد، إذا كانت تؤدي المطلوب منها دون زيادة.

فالطموح الزائد قد يقتل أصحابه، والقناعة بالراتب والدخل وما يحققه الفرد حسب قدراته وإمكاناته، يظل عنصرا أساسيا للاستقرار. فالتفاوت في القدرات والرغبات بين الناس حتميّ، غير أن رفاهية العمل وظهور فئة عشاق الإنتاج وتحقيق الإنجازات النوعية، هم عادة تلك النخبة القادرة على تغيير المجتمع إلى الأفضل، وهم عادة القياديون القادرون على قيادة الدفة.

الرفاهية في العمل ليست مجرد قرار فردي، بل هي نشاط إداري تتولاها المنظمات المتطورة، لدمج الموظف في وظيفته، ويتم ذلك خلال نشاطات عدة تعزز رغبة الموظف في العمل والإنتاج، مثل: وضوح رؤية المنظمة لدى العاملين كافة، وتعزيز قواعد السلوك مثل: الشغف والتعاون والاحترام والشفافية، وفتح فرص الابتكار والتعبير عن الرأي والتدريب والتطوير والتمكين، والتجمعات الدورية بين الموظفين، والنشاطات الرياضية والصحية والترفيهية المختلفة، وغيرها من نشاطات الإشراك الوظيفي.

تعزيز ثقافة الإشراك الوظيفي في المنظمات الوطنية، وتحويل العمل إلى مصدر رفاهية وسعادة، من العناصر الأساسية للنجاح في رؤيتنا الوطنية، وتحقيق أهدافنا النوعية، وتأكيد لمبادئ جودة الحياة التي تعدّ أحد البرامج التنفيذية للرؤية، والذي يعد مصدر إلهام استثنائي لمبادئ الإشراك الوظيفي، أو العكس، بحيث يعدّ تطور نشاطات الإشراك الوظيفي في المنظمات، أحد العوامل الأساسية التي تنطلق من الأسفل إلى الأعلى لتطوير برنامج جودة الحياة.