تحدثنا كثيرا عن خطورة أجندة النظام التركي. ليس على المنطقة فحسب، بل على مستقبل الدولة التركية نفسها، وخروج سياستها الخارجية من الاعتدال إلى العدوان، باتباعها سياسة التدخل في شؤون دول الجوار، وتقليص علاقات راسخة مع دول الإقليم العربي. وهذه السياسة التي يتبعها نظام حزب العدالة والتنمية التركي، كانت محل انتقاد من أحزاب المعارضة، والشعب التركي الذي تعرض للممارسات القمعية من النظام الحاكم، وجعل من الأكراد عدوا للشعب التركي، وهم في الحقيقة غير ذلك، وإنما النظام التركي هو من افتعل تلك العداوة عبر الهجمات التي تقوم بها أجهزته الأمنية، ويتم تسويقها على أنها من فعل الأكراد الأعداء للوطن، مع أنهم جزء من هذا الوطن التركي، ولهم الحق في ترابه والعيش فيه بحرية. ولا تنفصل العمليات العسكرية التي يقوم بها النظام التركي على الأراضي السورية عن نزعة العدوان التي تنتاب النظام التركي، والتي يستغل فيها حالة الانشغال في دول الجوار، ثم يقوم بتمديد تلك النزعة للتدخل في شؤونها الداخلية. إن العملية العسكرية في سورية هدفها الأساسي هو أن تتخلص تركيا من الأكراد شرق الفرات، وإحداث تغيير ديموجرافي لإبعادهم عن الحدود التركية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تأمين سيطرة تركيا على مناطق في سورية غنية بالبترول والغاز. ومجمل القول هنا، إنه لا يمكن أن تكون تلك المبررات التركية مشروعة في عدوانها على الأراضي السورية، وانتهاك السيادة السورية، مستغلة انشغال الجيش السوري في حربة ضد الفصائل الداخلية، وحالة الانفلات الأمني، والضعف الاقتصادي والاجتماعي الذي تعانيه مؤسسات الدولة السورية، وهو ما ينفي صفة السلام عن تلك العملية التي يمكن وصفها بصفقة العدوان على سورية، التي أصبحت كعكة شهية أمام أطماع الأجندات الإقليمية.