لم يعد هناك كثير من الإجراءات الشاقة عندما أنوي حجز رحلة طيران، ابتداءً من إجراءات حجز الرحلة التي أصبحت إلكترونية بالكامل، ومرورا بإجراءات طباعة بطاقة الصعود التي أصبحت إلكترونية هي الأخرى، وحتى إجراءات التفتيش التي شعرت لسهولتها أنها إلكترونية كذلك.

الإجراء الشاق الوحيد، والذي قد ينسيك سهولة ما قبله، هو اضطرارك أن تلعب الشطرنج على متن أي رحلة تقلع من مطار داخلي مع رفقاء الرحلة.

فجأة تتحول الطائرة إلى رقعة شطرنج، فتضطر -كمسافر- أن تتحول إلى جنديّ على هذه الرقعة، تحركك الرغبات في جميع الاتجاهات لأكثر من رقعة.

مقعدك الذي اخترته، وقد تكون دفعت مبلغا نظيره، قد يكون لشخص آخر قرر أن يحتله، ليكون بجانب زوجته أو ابنه، وفي أحيان كثيرة طفل يريد أن يكون بجانب شباك الطائرة.

تتأخر الرحلة ويتأفف المضيفون لفرط الطلبات العصية على التحقق. كل هذا اعتدنا عليه كسعوديين، على الرغم من إمكان تلافيه مقابل عشرين ريالا فقط لا غير، تنفقها لتختار أنت وشريكتك أماكن مناسبة لكما.

العجيب أن لعبة الشطرنج هذه اكتشفتها في ساحة أخرى، فبعد يوم عصيب آخر قررت أن أحضر فيلما في سينما. اخترت مقعدا بعناية فائقة، ودفعت مقابله مبلغا من المال كذلك. دخلت إلى القاعة رقم 5 بحثت عن مقعدي وجلست.

وفجأة -مرة أخرى- وجد رجل وشريكته نفسيهما محاصرين بين شابين، وقفا في الممر بانتظار الخلاص من هذا الموقف المحرج.

بعد عناء طويل، تشجّع وهمس في أذني أن أجلس في مكانه، وأتخلى عن مكاني ليجلس هو وشريكته بجانب الممر.

وككل سعودي، لبّيت طلبه وجلست في زاوية رأيت فيها رؤوس من هم أمامي أكثر من الفيلم. كنت أظن أنها الحالة الوحيدة حتى نظرت خلفي لأجد كثيرا من الحالات الواقفة، والتي تعترض ضمنيّا على القاعدين بجانب مقاعدهم، وبدأ المسؤول عن الأمن بأخذ دور المضيفين، ليحاول جاهدا تلبية رغبات لا حصر لها.

كان بالإمكان أن يوفر الشخص على نفسه هذا الإحراج قدر الإمكان، فيما لو بحث عن مقعد مناسب. القليل من التخطيط سيوفر كثيرا من هذه «الخبصة» الجماعية.

وحتى إشعار آخر، أيقنت أن لعبه الشطرنج هذه لن تنتهي، وسنظل نلعبها دائما.