من بين 3387 طبيبا وطبيبة، أجاب 2223 صوتا بأنهم يعانون من الاكتئاب، أي بنسبة 65.6 % من شريحة الاستفتاء التي أجرتها مدونة طالب طب سعودي في 21 أغسطس من العام الحالي.

في 2017 أجرت Medscape استطلاعا جرى على 1500 طبيب مقيم، ورد فيه أن 19 % منهم واجه مشكلة التسلط، كما أجاب 36 % بأنهم لا يجدون وقتا لممارسة الرياضة أو حتى الجلوس مع النفس!.

في 2015 نشرت دراسة تحليلية موثقة في مجلة الرابطة الأميركية الطبية JAMA أجريت على 17 ألف طبيب مقيم، أظهرت أن 43 % منهم يعانون الاكتئاب، وهذه نسبة تفوق معدلات الاكتئاب لدى أفراد المجتمع.

كما نشرت دراسة عام 2013 في المجلة الدورية لطب الصدر على 88 طبيبا، أظهرت تأثرهم بأعراض الغضب والتوتر نتيجة الحرمان من النوم خلال ساعات المناوبة الليلية.

هذه الدراسات الأربع -وغيرها كثير- توضح حجم معاناة الطبيب، وكم يلاقي من ضغوطات عمل وحياة ومجتمع، خاصة سلوكيات بعض المراجعين الذين يعبّرون بها عن جحدهم لأعماله التي لا يتحملها غيره.

تخيّل عزيزي أن تجد أحدهم يأتي إلى طبيب مناوب في وقت متأخر من الليل، في الساعة العشرين مثلا من مناوبة هذا الطبيب المنهك جسديا وفكريا من هول يوم طويل متعب، وما زال أمامه 4 ساعات عمل وربما أكثر، يأتي هذا المراجع، القادم للتو من مأدبة عريضة، أو «شابع نوم»، ليتعامل مع هذا الطبيب بفوقية واستعلاء -ولا أدري على أيش- ولسان أحدهم يقول وقد قيل: «تخدمني وما لك فضل»، وبعضهم يغير في الرواية قائلا «ما حطوك إلا لخدمتي»، ولعل عبارة وزارة الصحة «المريض أولا» هي السند لهذه الروايات. ويأتي ثان وبعد صرف الدواء، ويرى «هو» أنه لا يتناسب مع «مزاجه»، فيعود للطبيب، شاتما، وربما اعتدى باليد!. وثالث سقط على رجله «فنجان شاي فارغ»، يأتي ليصر إصرارا على عمل أشعة X ويقول لطبيبه «ما هو من حق أبوك؛ تعملها غصبا عنك»، وهو في الواقع لا يحتاجها، بل إن عُملت له فهذا خطأ مهني إنساني، فالإملاء على الطبيب أمر خاطئ يتنافى حتى مع العقل والمنطق!

وآخر يرى «هو» بمزاجه أنه يحتاج تحاليل «إكسير الحياة»، وهو في الواقع الطبي لا يحتاجها، فعندما لا تُعمل له يقلب سافل المستشفى عاليه ويستنجد «متمسكنا» بالمنقذ 937 وبعد ذلك... «ارجع لمقالي (هذا ما جنيناه من 937)» لترى بقية المشهد المحزن.

وبعيدا عن هذه المشاهد اليومية، فلعل كثيرا من الأطباء يحصل الخطأ ضده في اليوم عشرات المرات، والحق له «مثل عين الشمس» لكنه يطبق المثل الجنوبي «حاك أحمد من صنعا»، وهو المرادف تماما للشطر «لا حياة لمن تنادي»، ومعناه أنه لن يجد له من دونهم وليا ولا نصيرا.. فإلى متى؟! دمتم بسلامة يا أبطال الصحة.