يدور الحديث هذه الأيام عن قرار وزارة التعليم بالعودة إلى نظام «الاختبارات» بدلاً من «التقويم المستمر» بدءا من الصف الثالث إلى نهاية المرحلة الثانوية.

من المعلوم أن الاختبارات تعد أداةً من أدوات التقويم، حيث لم تغيب عن مدارسنا، فهي جزء من أدوات التقويم المستمر بنوعيها «الشفهي والتحريري»، فالطالب يفترض أنه يخضع في مواده الدراسية بين فترة وأخرى إلى «اختبارات» متنوعة بين الاختبار الشفهي والتحريري، يجريها له المعلم ضمن أنشطة الصف، إلا إن تطبيق التقويم المستمر الذي من بين أدواته الاختبارات، لم يُطبّق بالشكل الجيد الذي يجعل منه أداة قياس ناجحة لطلابنا على الأقل في المرحلة الابتدائية تحديدًا، ربما أن سوء التطبيق كان يعود إلى قلة تدريب المعلمين عليه بشكل كافٍ، أو ربما تقصير المعلم في تطبيقه رغم تنوع أدواته وأساليبه ووسائله، وضرورة مسايرته لمراحل الدرس والمنهج عند الطالب، فهو مزيج أو خلطة يومية من «التدريس ثم التقويم ثم المعالجة للمخفقين والتعزيز والتحفيز للمتقنين من الطلاب ثم إعادة التقويم»، فمن سماته شعور الطالب بمتعة التعلم دون الإحساس بمخاوف من رهبة الاختبارات، ولا يترك ثغرة في الدرس دون تعلم أو تقويم، وكثير من الدول التي يشار إلى تعليمها بالبنان تأخذ به لكن لعل وزارة التعليم رأت أن تستبدله بالاختبارات التحريرية وتقصره على الصفين الأولين.

وكتربوي، أجد أن الحديث عن المستوى الدراسي المتدني عند بعض الطلاب وربطه بالتقويم المستمر احتمال غير صحيح، فلا يمكن لي أن أعزو السبب إلى «التقويم المستمر» وحده، وأجعله شماعة أعلق عليها ضعف مستوى الطلاب الدراسي، كما أنه لن تذهب حساباتي إلى أن «الاختبارات التحريرية» ستكون العلاج المنتظر لـ«تدني مستوى الطلاب» كما يظن بعضهم ذلك، وكأن الاختبارات كفيلة بأن تغير مستويات طلابنا الدراسية؛ لأني أنظر إلى ما هو أهم في مربع التعليم القديم «الطالب، المعلم، المنهج، الوسيلة التعليمية»، فهنا ضلع خامس ومهم، منذ سنوات يتم النظر إليه بأهمية وكثر حوله تأليف الكتب وإقامة الدورات، وأعني بالضلع الخامس «أساليب التدريس وطرق التعلم النشط» التي تمارس داخل غرفة التعلم من قبل المعلم، فهي التي يجب أن نلتفت لها كثيرا، وتشتغل عليها وزارة التعليم لتمهير المعلمين عليها؛ لأنها إذا ما أُتقنت بشكل جيد فسنحكم على أن الطالب تلقى تعليما نوعيا مميزا، وأنه توافرت له أثناء التعلم ظروف مكنّته من أن «يبحث يكتشف ينتقد يفحص يناقش يحاور يسأل يدخل في مجموعات تعلم يشترك في مشروعات تعليمية»، وأنه لم يعد ذلك الطالب الذي عليه أن يتلقى من معلمه ما يطرحه على سمعه بأساليب تقليدية ممّلة جافة تجعل منه آلة تسجيل، دون أن يكون له دور في صناعة التعلم أو إنتاج المعرفة أو اكتشافها أو حتى المشاركة في البحث عنها والتعرف عليها، وكأن مهمته أن يحفظ ويحل الواجبات إن كان هناك واجبات، حتى اليوم التالي، ليحضر إلى مدرسته فيسمّع ما حفظ من معلمه!، ثم عليه أن يستلم «جدول الاختبارات» ليستعد في عدة أيام في استذكار ما مضى «ليصّب المعلومات والمعارف صبا في أوراق الاختبارات!».

في الختام، أنا مع الاختبارات كأهم أداة عندما لم ينجح التقويم المستمر، غير أن الفارق الذي يجب أن يكون الفيصل في قضية التعليم عندنا ومستوى طلابنا الدراسي وفي قضية نواتج التعلم إما أنها متدنية أو عالية المستوى، تكمن في أساليب التدريس وطرائقه ومهارة المعلم وقدرته في تطبيقها.