يمثل أدب الأطفال ركيزة مهمة من ركائز بناء المستقبل، ودعامة قوية من دعائم تشييد مستقبل مشرق وزاهر للأجيال العربية المقبلة، إذ إنه يدعم البناء الثقافي لشخصية الطفل العربي، باعتباره رجل المستقبل، وذلك من خلال تنمية فكره ووجدانه، وذلك بما ينضوي عليه هذا الفن الأدبي من معلومات ومعارف، وما يتضمنه من قيم ذاتية كانت أو موضوعية، فضلا عما يحققه من فنون ومتعة، ومن ثم فينبغي الاهتمام به من الناحيتين النظرية والعملية، بما يمكنه من الاضطلاع بتحقيق آمال الأمتين العربية والإسلامية.

وتعد القيم والمبادئ -التي يغرسها أدباء الأطفال في وجدان الطفل العربي وعقله- أحد أهم مظاهر الوعي الاجتماعي، من خلال ما يبثونه من مثل اجتماعية عليا، ترسخ الاعتزاز بالثقافة والهوية العربية الإسلامية من جهة، وتعبر عن واقع العرب وأهدافهم وطموحاتهم وتحدياتهم من جهة أخرى.

وانطلاقا من الوعى المبكر بجدوى تعزيز هذه القيم الرشيدة، وتلك المبادئ القويمة، فقد أصدرت جامعة الدول العربية خطة التنمية القومية الشاملة للثقافة العربية عام 1986 نشدا لتقنين الهوية العربية الإسلامية، فضلا عن مواكبة الواقع الراهن، والمستقبل القادم بتحدياته المعرفية والمعلوماتية، وثورته التكنولوجية الهائلة.

وقد شملت منظومة القيم تلك أربعة جوانب (سياسية، اجتماعية، اقتصادية، فكرية ثقافية)، مرتكزة على خمسة محاور رئيسية، أبرزها:

- تحديد المنظور المستقبلي العربي والرؤية الواضحة لنوع الإنسان الذي نريد وشكل المجتمع الذي نبني، وبناء نظرية ثقافية متكاملة تعد إطارا مرجعيًّا للسياسات الثقافية العربية في تنويعاتها القطرية وفي مواجهة تحديات المستقبل ومتغيراته.

- تطوير الثقافة العربية لتصبح ثقافة علمية معاصرة محافظة على تراثها وهويتها، مسهمة في الوقت نفسه في التقدم العربي والبشري.

- الاستجابة لحاجات الأطفال والناشئين الثقافية بإقامة توازن بين الثقافة التي يجري إعدادها لهم من تراثنا وعصرنا، والثقافة التي يحتاجون إليها في المستقبل.

وعلى الرغم من مضي أكثر من ثلاثة عقود على إصدار تلك الخطة الشاملة، إلا أننا نؤكد على أن ثمة قصورا نسبيا في اهتمام الهيئات العلمية، والتربوية، والثقافية في البلاد العربية بأدب الأطفال، وما زلنا نؤكد على جدوى تقديم الدراسات العلمية التي تحدد قواعده ومناهجه، وترصد تطوره، وتوضح دوره الكبير في صنع الإنسان وبنائه، بوصفه من أقوى الأسس التي يقوم عليها التكوين العقلي والنفسي والعاطفي للنشء العربي.