غرائب شركات التأمين لا تنقضي. ومن تلك الغرائب ما وردني من قارئ كريم في رسالته التالية ردًا على إحدى شركات التأمين أنشرها كما هي:

«أولاً تم توضيح الأمر لكم بتاريخ 31/‏7/‏2018م عن الحادث الواقع بتاريخ 9/‏6/‏2016، وأنكم أقريتوا الحادث ودفعتوا التكاليف، وتبينَ لكم بعد سنتين بأنه غير نظامي فهذا خطؤكم، ويوضح خللا بآلية العمل لديكم.

ثانياً السائق الذي عمل الحادث انتهى عمله لدينا وغادر المملكة منذ 3 سنوات» انتهت الرسالة.

تخيل أنه بعد مغادرة سائقك الخاص تقوم شركة تأمين بمطالبتك بمبالغ مالية جراء حادث أو عدة حوادث تصادم قام بها السائق، وتكفلت شركة التأمين بدفع المبالغ المترتبة على الحادث بموجبِ عقد تأمين بين السائق وبين شركة التأمين. وبعد مراجعات الشركة العبقرية لحيثيات الحادث، تكتشف أن إجراءاتها السابقة كانت خاطئة لتهرول بحثًا عن السائق إلا أنها تجد أن الكشوفات الرسمية تشير إلى أن السائق قد غادر البلد منذ فترة. الشركة الحصيفة تجد نفسها في ورطة، وترى أن الحل الوحيد هو العودة إلى كفيل السائق لتأخذ بتلابيبه، وتطالبه بتحمل ذلك المبلغ، قلّ أو كثر.

لك أن تتخيل أيضا أن شخصًا استقدم مجموعة سائقين خاصين على فترات مختلفة أو في مؤسسته الخاصة، وبعد انتهاء عقودهم أو الاستغناء عنهم يتفاجأ بفواتير شركات التأمين تطالبه بمبالغ تصحيحية على مكفوليه الموجودين في بلدانهم، وربما ذهبوا للعمل في بلدان أخرى، وقد يكون توفاهم الله تعالى، ليجد المرء نفسه أمام مجموعة فواتير تأمينية لا تُبقي ولا تذر.

تواصلت مع صاحب الرسالة، محور حديثنا، وأفادني بأنه لا يعلم أصلاً عن الحادثة المذكورة التي ارتكبها السائق، ولم يلحظ هو ولا أحد من أفراد أسرته أثراً على سيارتهم الخاصة، إلا أنه وبعد سفر مكفولهم يستقبلون رسالة نصية من شركة التأمين تطالبهم بدفع مبلغ تجاوز 30000 ريال.

قلت لصديقي، ربما السائق صدم سيارة فاخرة، وأثّرت عليها ولم تؤثر على سيارتكم، إلا أن الاحتمال الآخر أن السائق أصلح سيارة مكفوله على حسابه الخاص ليغطي فعلته قبل المغادرة النهائية.

وفي كل الأحوال، فإن مطالبة المواطن بتحمل مسؤوليات حوادث أو جرائم مكفوليه، ليس من الحق ولا من الشرع ولا من القانون في شيء البتة، فالحوادث المرورية أشبه بالحوادث الجنائية التي يتحمل تبعاتها مرتكبها الأول، ولا تعود أي التزامات على طرف آخر مهما كانت علاقته سواءً أكان أبًا أو ابنًا أو أخًا، فما بالك بكفيل أو مكفول!.