الفكر العربي اليوم يمر بأزمة خانقة، ولا يعني ذلك أنه لم يمر بأزمات سابقة في فترات تاريخية مختلفة، فالفكر العربي كغيره مرّ ويمرُ بأزمات، لكنه يخرج منها منتصرا. والأزمة العربية اليوم هي أزمة فكر ونمط تفكير، مر بتحولات كبيرة وعميقة، فالحداثة والعولمة أحدثت نقلة كبيرة ونوعية في الحياة العربية، فظهرت أزمة الهوية وأزمة الثقافة أحدثت صراعا بين الأجيال الحديثة والقديمة، ووصل الجيل الحديث في أزمته إلى احتراق وظيفي نفسي بسبب المقارنات الكبيرة في العالم الكبير الذي يضخ ملايين الأفكار والإنجازات والإبداعات، فصارت المقارنات بين الأجيال كبيرة ومحفزة لبعض أفراد الجيل، بينما هي محبطة لأفراد آخرين، ورغم ذلك فإن التفاؤل بعبور الأزمة كبير، والأمل معقود على جيل النهضة الجديد الذي لا يتأثر بعولمة الأفكار الحديثة، بقدر تأثيره فيها وتغيير نمط التفكير العربي من ذوبان الهوية والانصهار في الآخر، إلى التجاذب معه والاستفادة من تجاربه دون انبهار ونكران للذات. الواقع العربي في مصر والعراق ولبنان شاهد قوي على أزمة الفكر العربي المتنامية بشكل باعث على القلق، وإذا لم تتم معالجة الأزمات الاقتصادية والسياسة في المشهد العربي فإن أزمة الفكر تتفاقم وتتطور مع مرور الوقت. التطور والتغيير التقني المدهش وإيقاع الحياة المتسارع يبعث على نمو التفكير العربي، وهو مصدر قلق من ناحية كيفية استجابة الفكر العربي لهذا الإيقاع السريع، بشكل إيجابي لتكوين نمط تفكير عربي جديد.