في الأسبوع الماضي تواصلت معي صديقة قديمة «أدعو الله أن يكون بعونها» تطلب المساعدة العاجلة في إيجاد مركز أو عيادة خاصة لعلاج (الإدمان)، وذلك لإنقاذ ابنها الذي يتعاطى «الحشيش» باستمرار!.

(طبعا لن أناقش هنا سهولة حصول الشباب والفتيات على المواد المخدّرة، وبالذات «الحشيش»!)، فهذا شأن آخر أتمنى معالجته جذريا من الجهات المسؤولة.

اقترحت على تلك الصديقة مجمع إرادة للصحة النفسية بالرياض (مجمع الأمل سابقا)، ولكنها رفضت لصعوبة الدخول إليه، ويحتاج الأمر لوقت طويل! ثم ذكرت لها بعض العيادات الخاصة المتخصص رئيسها في علاج الإدمان، فاشتكت من عدم تقبل ابنها أسلوب المعالج الفظّ معه والذي نصحهم «بعدم استخدام الإجبار لعلاجه، فنصحتها بالخيار الأخير، وهو العلاج في الخارج، فرفضت الفكرة لعدم تقبل ابنها العلاج، ولا تستطيع إجباره على العلاج بالداخل، فكيف الوضع بنقله للخارج!.

هذه المقدمة البسيطة تختصر معاناة نموذج محزن من أمهات أو زوجات المدمنين كذلك واللاتي يعانين بألم وحرقة من الوصول للخدمات الصحية الموجهة للمدمنين وأسرهم دون مشقة البحث والمساعدة من شخص لآخر! وكذلك من الآلية المناسبة للتعامل معهم خاصة مع الحالات التي ترفض العلاج، وتظل حبيسة المنزل وقت التعاطي وما بعده خوفاً من انكشاف أمرها! وكثير من الأهالي يحاولون جاهدين الوصول إلى مخرج مناسب لحالة المدمن لديهم بالمنزل، ولكن بسرية تامة، لذلك يتخوفون من التواصل مع الجهات الحكومية لأسباب عدة! ويعانون من المراكز الخاصة لغلاء تكلفة العلاج، وضعف آلية التدخل المنزلي لديهم! وفي المقابل الآخر بالرغم من أن الجهود والخدمات الصحية الحكومية والخاصة الموجودة لدينا -ولله الحمد- مستمرة من حيث وجود المستشفيات على مستوى المناطق، والعيادات الخاصة، ومراكز الاستشارات التي منها المركز الوطني لاستشارات الإدمان - الرشيد - 1955 - التابع للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات بدعم من شركة سابك، ومن شعاراتهم «لإنقاذ المدمن من المخدرات اتصل بمركز استشارات الإدمان 1955 فيرسل للعلاج دون عقوبة أو مسؤولية قانونية بهدف الإصلاح»، إلا أن الوضع ما زال مُحرجاً للأهالي!.

والأمر الآخر والمؤسف له، انتشار مراكز سعودية خاصة للتعافي من الإدمان تستثمر في بعض الدول العربية والشرق آسيوية، تستقبل من لديه الاستطاعة والقدرة المادية، متجاهلين أهمية الواجب الوطني تجاه الاستثمار العلاجي داخل وطنهم! لذلك ما زلنا نتساءل بشأن من لا يستطيع الوقوف بوجه المدمن وإقناعه بالعلاج دون اللجوء للقوة، وفي حالة استخدام القوة هل سيتم ضمان توفر سرير له في المستشفى الحكومي في نفس اليوم دون اللجوء إلى الواسطات والتوسلات (حيث يشكو الأهالي غالبا في عدم توفر السرير، وقلة المدة الزمنية المقررة للعلاج، ونوعية برامج الرعاية اللاحقة بعد خروج المدمن لضمان ثبات شفائه)! لذلك فإن مطالبنا منذ سنوات بأهمية دور القطاع الخاص في مساندة القطاع الحكومي في هذا الجانب لم تكن من فراغ، والتي تحققت أخيرا -ولله الحمد- من خلال مبادرة شركة سابك بتشييد مبنى متخصص للصحة النفسية وعلاج الإدمان. ومشروع «منزل منتصف الطريق» استكمالا لجهودها الوطنية في هذا المجال، فهذا النموذج الإنساني الداعم لبرامج المسؤولية الاجتماعية لا بد من تكراره وإنجازه من قبل القطاع الخاص على مستوى المناطق، وذلك من أجل وصول الخدمة العلاجية للمدمنين بسهولة، قبل أن تتطور حالتهم الصحية إلى مستوى الخسارة البشرية التي تكلف الدولة ميزانيات لا نهاية لها!.