اللغة وسط مبني على أنظمة من الأحرف والأصوات والسياقات الثقافية، التي تتيح التواصل والتفاهم بين الأفراد والثقافات والدول. وفي عالم مبني على التبادل التجاري والثقافي والسياحي، هي أيضاً وسيلة لتصدّر تلك التبادلات، التي تمثل عصباً في الاقتصادات وحتى العلاقات السياسية والدبلوماسية عالمياً.

ولدى النظر إلى اللغات من هذه الزاوية، ندرك أن إدراج تعليم اللغات الأجنبية ضمن المناهج كمادة ثانوية الأهمية أو كتحصيل حاصل له ثمن باهظ على الاقتصاد، وهذا إدراك مهم مرحلة التحوّل الاقتصادي التاريخية التي تمر بها المملكة العربية السعودية.

وتأتي الأبحاث لتبين وطادة العلاقة بين الاقتصاد وإتقان اللغات الأجنبية. على سبيل المثال، بحسب النسخة التاسعة مؤشر إي أف لإتقان اللغة الإنجليزية EF EPI ، توجد علاقة مباشرة بين متوسط دخل الفرد ووسطي المستوى المعيشي في دولة من جهة، وبين وسطي إتقان اللغة الإنجليزية فيها من جهة ثانية. وبناء على هذا، ليس من المفاجئ أن الدول الاسكندنافية وهولندا، حيث مستوى المعيشة المرتفع وإجمالي الدخل المحلي العالي للفرد، أحرزت أعلى المستويات ضمن المؤشر، الذي صنّف 100 دولة من الدول التي لا تتحدث الإنجليزية كلغة أم حسب إتقان البالغين فيها للإنجليزية.

وتخلّفت منطقة الشرق الأوسط عن مناطق العالم في مستويات إتقان اللغة الإنجليزية بحسب المؤشّر. ولسوء الحظ، بيّنت النتائج أن البالغين الشباب في الشرق الأوسط يتقنون الإنجليزية بمستوى شبيهة إلى حد ما بالكبار فوق سن الـ40 سنة. وقد تشير هذه البينات إلى أن تعليم اللغة الإنجليزية في مدارس المنطقة لم يتطور مع مضيّ السنوات. ومن جهة ثانية، أظهرت النتائج تقارباً كبيراً في مستويات الإتقان بين البالغين في دول المنطقة، إذ لا تفصل سوى 9 درجات بين البحرين، التي أحرزت أفضل معدل، وليبيا، التي تذيّلت تصنيف هذا العام.

وتستند درجات مؤشر إي أف لإتقان اللغة الإنجليزية على نتائج اختبار إي أف النموذجي للغة الإنجليزية (EF SET)، وهو اختبار اللغة الإنجليزية العالمي الأول المتاح مجاناً على الإنترنت. واستخدمت آلاف المدارس والشركات والحكومات هذا الاختبار كأداة تقييم على النطاق الواسع.

لا تسأل عن الاقتصاد، بل اسأل عن إتقان الإنجليزية

وتشير العلاقة المعقدة بين المهارات اللغوية والنمو الاقتصادي - مثل إتاحة الاقتصاد الثري لمزيد من فرص التدريب على اللغة الإنجليزية، وإتاحة اللغة الإنجليزية بدورها على جعل الاقتصاد أكثر تنافسية - إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه اللغة الإنجليزية في النمو الاقتصادي ككل.

وتحدّث ذات اللغة مع الشركاء التجاريين لا يعد حاجة تقنية فحسب، بل يمثّل أيضاً أساساً لبناء الثقة. وتعكس البيانات هذا: مثلاً، يُقدر الخبير الاقتصادي بانكاج غيماوات أن التجارة بين دولتين تتحدثان نفس اللغة هي أكثر بنسبة 42 في المائة مقارنة بالتجارة بين الدول التي لا تتشارك لغة.

وحلّت هولندا في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر إي أف لإتقان اللغة الإنجليزية، وتلتها السويد والنرويج والدنمارك وسنغافورة. وللاستفادة محلياً من تجارب تلك الدول في تعليم اللغات الإجنبية، ناقشت جلسة حوارية شارك بها كل من السفير الهولندي والسويدي والنرويجي أسباب نجاح دولهم في تعليم اللغات، ضمن مؤتمر عقدته إي أف السعودية في الرياض الثلاثاء الماضي للإعلان عن نتائج مؤشرEF EPI، برعاية من الهيئة العامة للاستثمار.

وبالحديث عن أثر إصدار المؤشر محلياً، قال جون بيرنستروم، المدير العام لإي أف إديوكيشن فيرست في المملكة: "يصدر مؤشر إي أف لإتقان اللغة الإنجليزية لهذا العام بينما تسير إعادة ابتكار الاقتصاد السعودي على قدم وساق. وبينما تستثمر البلاد بسخاء في تعليم وتدريب رأس مالها البشري الشاب، يهدف تقريرنا إلى وضع مستوى إتقان اللغة الإنجليزية في السعودية ضمن إطار التطورات المحلية، وإلقاء الضوء على أفضل طرق تحسينه في المستقبل".

وانطلاقاً من هدفها في جعل العالم أكثر انفتاحاً عن طريق التعلم، تفخر معاهد إي أف الدولية لتعليم اللغات بأنها كانت خيار17 ألف طالب سعودي تقريباً لتعلم الإنجليزية وغيرها من اللغات الأجنبية بالخارج. ومنذ العام 1965، توسّعت إي أف لتضم 54 معهداً لتعليم الإنجليزية و11 لغة أخرى، في أمريكا وبريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا وأيرلندا وجنوب أفريقيا وغيرها.

ما هو سر الدول ذات الأتقان الأعلى؟

وبحسب مؤشّر EF EPI ، تطبقّ الأنظمة المدرسية في الدول الأوروبية ذات مستويات الإتقان الأفضل عديداً من الاستراتيجيات الأساسية، بما فيها التركيز على مهارات التواصل لدى تعليم الإنجليزية، والاحتكاك اليومي بهذه اللغة، وتقديم الإرشادات اللغوية المصممة لتلائم التوجّهات المهنية المختلفة في السنوات الدراسية الأخيرة لطلاب الثانويات المهنيةّ والجامعات.

ويساهم في رفع مستويات إتقان الإنجليزية أيضاَ انتشار برامج تدريب الكبار الممولة من قبل الحكومات والشركات في تلك الدول. قد يشير هذا إلى أن سر تفوّق الأوروبيين لا يكمن بتعلمهم الإنجليزية أسرع من غيرهم، بقدر ما أنهم يتعلمونها على مراحل أطول في خلال حياتهم، ويحرزون التقدم فيها حتى بعد التعليم الجامعي.

ومع تمثيل الصادرات قرابة الـ 20 في المائة من ناتج التجارة العالمي، كلّما زاد تبنّي الإنجليزية كلغة التواصل العالمية، تم اختصار المزيد من التكاليف على الشركات والحكومات الناتجة عن الوقت والتكاليف المرتبطة بخدمات الترجمة وغيرها. كل هذه مؤشرات مهمة لا يجب إغفالها ضمن جهود إعادة ابتكار سبل تأهيل الموارد البشرية الشابة في المملكة، والتي ستدفع عجلة الاقتصاد السعودي الحديث.

حول إي أف إديوكيشن فيرست

إي أف إديوكيشن فيرست هي شركة تعليم دولية تركّز على اللغة والتعليم والتجارب الثقافية. تم تأسيسها في العام 1965، واتّخذت "جعل العالم أكثر انفتاحاً عن طريق التعلّم" مهمّة لها. تضم إي أف أكثر من 600 معهداً ومكتباً في أكثر من 50 دولة حول العالم، بينها مكاتب تسجيل للدراسة في برامج الدراسة في الخارج في الرياض وجدة والخبر والمدينة المنورة، ومعهد لغة إنجليزية معتمد في الرياض. للتواصل يرجى الاتصال على 920000395.