ما أعظم العقيدة الصحيحة، وما أحسن بركتها على البلاد والعباد، ذلك أن مصدرها كتاب الله تعالى وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو سبحانه وتعالى أعلم بما يصلح العباد كما قال تعالى (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، ولذلك شرع لهم من الدين ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم.

ومن ذلك ما تضمنته العقيدة السلفية من مسائل البيعة والإمامة، ولا يخلو كتاب من كتب الاعتقاد من التوكيد على البيعة والسمع والطاعة لولي الأمر، والتحذير من الخروج عليه، ففي منصوص اعتقاد أهل السنة والجماعة قولهم كما في العقيدة الطحاوية (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله -عز وجل- فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة).

إن البيعة لولي الأمر أمر شرعي، والأحاديث في ذلك كثيرة معلومة، فمنها:

قول عُبَادَة بن الصَّامت، رضي الله عنه: «دعانا رسول الله -صَلَّى الله عليهِ وَسَلَّم-، فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا: أنْ بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله»، وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في صحيحه قال النبي، عليه الصلاة والسلام: (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية).

وعن نافع قال «لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية، جمع ابن عمر -رضي الله عنه- حشمه وولده، فقال: إني سمعت النبيَّ -صَلَّى الله عليه وَسَلَّم- يقول: (يُنصب لكل غادرٍ لواءٌ يوم القيامة)، وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يُبايع رجلٌ على بيع الله ورسوله ثم يُنصب له القتال، وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه» رواه البخاري.

فالبيعة لولي الأمر ليست أمرا اجتهاديا، وليست هي معاوضة، إن أُعطي الإنسان رضي وبايع، وإن مُنع سخط ونابذ، كلا، ففي الحديث الصحيح (ثلاثة لا يكلمهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم -وذكر منهم- رجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنياه، إن أعطاه ما يريد وفى له، وإلا لم يف له).

ومن توفيق الله لبلادنا السعودية أنها منذ تأسست منذ ما يقارب ثلاثمئة سنة ولا تزال، تقوم على هذا الأصل الشرعي، البيعة لولي الأمر، وهو ما كان له أحسن الأثر في استتباب الأمن، وسلاسة انتقال السلطة.

ومنذ خمس سنين بايعنا ولي الأمر الملك سلمان بن عبدالعزيز، على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وهي بيعة شرعية، الوفاء بها دين وإيمان، وهي بيعة ثابتة راسخة ومستمرة، لا تزيدها الأيام والسنوات إلا ثباتا ورسوخا.

ولقد حصل في عهده -حفظه الله- من حفظ الثغور، وخدمة الحرمين الشريفين، والأمر بإنشاء مجمع لخدمة السنة النبوية باسم (مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف)، وتنمية الدولة كما في رؤية المملكة 2030 بما ينعكس إيجابا على رفاهية المواطنين، وغير ذلك من الإنجازات التي لا يمكن اختزالها في مقال، جعل الله ذلك في ميزان حسناته.

إن خادم الحرمين الشريفين يسهر في جلب الخيرات لنا، ودفع المكروهات عنّا، ونحن آمنون مطمئنون، ننعم برعاية الدولة، فجزاه الله خيرا، وضاعف مثوبته، إن من المتعيّن على كل مواطن أن يكون إيجابيا، يدافع عن دينه ووطنه وقيادته، ولينشر الخير بين الناس، فإن لم يستطع فليمسك عن الشر، فإنه له صدقة.

أسأل الله أن يوفق ولي أمرنا الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأن يوفق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لكل خير.