الأمل هو تلك النافذة الصغيرة التي مهما صغر حجمها إلا أنها تفتح آفاقاً واسعة للحياة، ويصبح الإنسان عاجزاً وضعيفاً عندما تحل الأعذار واليأس بدلاً من الآمال. ولا نختلف أن الآمال العظيمة تصنع الأشخاص العظماء. إن الأشخاص المتفائلين يعيشون ليبتسموا ويرسموا الفرحة على وجوه الآخرين، فيمسحون دموعهم ويخففون آلامهم. ينتظرون الغد ويتواعدون مع أفق الفجر ليجدوا الأمل والسعادة. لا ييأسون لو تعثرت أقدامهم وسقطوا في هوة سحيقة؛ لأنهم يثقون أنهم سيخرجون من تلك العثرة وهم أكثر تماسكاً وصلابة. لا يذهبون إلى الصحراء بحثاً عن الأشجار الجميلة، فهم يعلمون أن الصحراء موحشة، وأن الأشجار الجميلة تحيط بهم من كل جانب، في حنان آبائهم وعطف أمهاتهم وابتسامة أصدقائهم وحب مجتمعهم. يعيشون حياتهم بحثاً عن السعادة، ويغرسون الأمل في أيامهم ولياليهم، ويعيشون من أجله؛ لأنهم يعلمون يقيناً أنه سيتحقق.

حالة من اليأس والاكتئاب تنتاب غالباً مريض السرطان، من اللحظة التي يخبره فيها الطبيب بحقيقة مرضه. فيقرر الكثير من أولئك المرضى الاستسلام للمرض، والاستعداد لوداع الحياة، ويموت كثير منهم بعد اكتشاف المرض بأشهر قليلة؛ لأن المعنى الحقيقي لمصطلح السرطان عند تلك الفئة هو الموت. ومن هنا برزت أهمية العلاج النفسي لهذه الفئة من المرضى، بل أصبح العلاج النفسي عنصراً أساسياً في علاج مرض السرطان، ولم يعد عنصراً تكميلياً. ولتحقيق ذلك، فإن كثيراً من الجمعيات والمؤسسات الحكومية والخيرية بدأت في تقديم الدعم النفسي لتلك الفئة من المرضى، من خلال سرد قصص التعافي من المرض الخبيث، وكيف تم التغلب على السرطان من خلال الروح الإيجابية التي اكتسبها عدد من المرضى. ولتحقيق هذا الغرض تم إطلاق لقب المحاربين بدلاً من كلمة مرضى على فئة المصابين؛ لكونهم يخوضون معركة كفاح نحو الأمل والحياة.

إحدى الجمعيات المصرية قبلت تبرع الأصحاء بشعرهم، من أجل صنع باروكة من الشعر الطبيعي للمرضى الذين أصابهم الصلع بسبب التعرض للعلاج الكيماوي والإشعاعي. بل ويقوم أعضاء الفصل أو الفريق أحيانا بحلاقة شعر الرأس، تضامناً وتحفيزاً لزميلهم المصاب. وما لا شك فيه فإن هذه الجمعيات قد ساهمت بشكل فاعل في التعافي من السرطان، بل وفي الوقاية منه.

ولكون فئة الأطفال أكثر تعرضاً للضغوط النفسية وأقل مقاومةً لشراسة المرض، فقد أثبتت الدراسات أن نفسيات الأطفال الإيجابية ومعنوياتهم المرتفعة ساهمتا في معالجة مرض السرطان بنسبة 90 % مقارنةً بغيرهم من الفئات السنية. ويتفق المختصون أن الأطفال عادة يسهل رفع معنوياتهم وتحسين صحتهم النفسية، لتكون السبب الأساسي في مقاومة المرض والتغلب عليه، إضافة إلى قدرة أجسادهم وخلاياهم اليانعة على مجابهة المرض.

وفي اعترافات لمحاربي السرطان وقدرتهم على التغلب عليه، أكدوا أنهم استخدموا عدداً من الأسلحة المختلفة مثل الإيمان والثقة بالله ودعم الأهل والأصدقاء والابتسامة والأمل والثقة بالنصر والتخلص من اليأس. وأخيرا يزداد عدد المصابين بأمراض السرطان، ولابد أن تزيد مساحة الأمل والدعم والقوة لمحاربة هذا الداء والتغلب عليه.