تفتح الرياض ذراعيها اليوم لاستضافة اجتماعات المجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الـ40، بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهي القمة التاسعة التي تستضيفها الرياض، بدءًا من الدورة الثانية التي حفلت بكثير من المبادرات والقرارات.

ففي 11 نوفمبر 1981، عُقدت الدورة الثانية للاجتماع بدعوة من الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، حيث استعرض القادة الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في منطقة الخليج في ضوء التطورات الراهنة آنذاك، وأعلن عزمه على مواصلة التنسيق في هذه المجالات لمواجهة الأخطار المحيطة بالمنطقة، وزيادة الاتصالات بين الدول الأعضاء لمواجهة مختلف التحديات، وما يهدد أمنها وسيادتها.

وجدد المجلس إيمانه بأنه لا سبيل لتحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط إلا بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس الشريف، وإزالة المستعمرات الإسرائيلية التي تُقام على الأراضي العربية.

واستعرض المجلس ردود الفعل العربية والدولية حول مبادئ السلام التي أعلنتها السعودية بشأن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، وقرر المجلس الطلب من المملكة إدراجها على جدول أعمال مؤتمر القمة العربي الـ12 المقرر عقده في المغرب.

قمة ثامنة

تلبيةً لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ـرحمه الله- عُقدت الدورة الثامنة للمجلس في الرياض من 26 إلى 29 ديسمبر 1987، وخلالها افتتح الملك فهد مقر مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض، واستعرض المجلس مسيرة التعاون بين الدول الأعضاء في المجالات السياسـية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب تطورات الحرب العراقية الإيرانية - حينئذ - والأوضاع على المستويين الخليجي والعربي والقضية الفلسطينية ومستجدات الأحداث في لبنان.

وفي الشأن العربي، أشاد القادة بمـا أسفرت عنه القمة العربية غير العادية التي انعقدت في الأردن من تعزيز للتضامن العربي واعتماده قاعدة أساسية لعمل عربي مشترك هدفه تجسيد وحدة الموقف العربي.

وفي مجالات التنسيق، نظرَ المجلس في الأوضاع النفطية والتطورات الأخيرة في الأسواق العالمية، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على استقرار السوق ووجوب التزام جميع دول منظمة الأوبك بالأسعار المقررة والتوقف عن منح الحسومات المباشرة وغير المباشرة.

استعراض

تجدد لقاء قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض في 25 ديسمبر 1993 برعايةٍ من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، واستعرض القادة تطور المسيرة الخيرة لمجلس التعاون فـي المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ضوء النتائج والتوصيات التي رفعتها اللجان الوزارية والمجلس الوزاري، وتدارس السبل الكفيلة بدفع العمل الجماعي.

وأبرزت كلمة الملك فهد في الجلسة الافتتاحية مواقف وأسس العمل المشترك في المرحلة المقبلة، فيما أكد القادة العزم على الإسراع بخطوات مسيرة المجلس ودفعها نحو آفاق أرحب لمواجهة التحديات كافة ومـواكبة المتغيرات الإقليمية والدولية، فضلاً عن تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء لمواطني دول المجلس.

وبحث القادة تطورات الأوضاع الإقليمية والمستجدات في منطقـة الخليج في ضوء خرق النظام العراقي لشروط وقف إطلاق النار التي حددهـا القرار 687 من خلال استمراره في نهج سياسة المماطلة في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بعدوانه ومواصلته ترديد مزاعمه التوسعية فـي دولة الكويت وتهديد سيادتها واستقلالهـا وتعريضه الأمن الإقليمي للخطر.

واستمع المجلس إلى شرح من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- عن النزاع القائم بين الإمارات وإيران بشأن الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، داعيًا إيران إلى الاستجابة لدعوة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بإجراء حوار مباشر والالتزام بالطرق السلمية من أجل إنهاء هذا الاحتلال.

وتدارسَ المجلس ما آلت إليه الحالة الأمنية والمعيشية فــي البوسنة والهرسك نتيجة استمرار العدوان الصربي الآثم وارتكاب القوات الصربية أبشع جرائم الإبادة العرقية ضد الإنسانية في تلك الجمهورية المنكوبة.

وحدة عسكرية

في 29 نوفمبر 1999، افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- اجتماعات المجلس بالرياض، مؤكدًا الأهمية البالغة لحماية أمن واستقرار دول المنظومة الخليجية، وقال «منطقتنا الخليجية قد أنعم الله عليها بخيرات كثيرة وخصها بالموقع الإستراتيجي كانت ولا تزال محط الأنظار من كل مكان، وما لم نتمكن من تحقيق قوة عربية موحدة فأقل ما يجب أن نحققه تحقيق وحدة عسكرية شاملة لمنطقتنا الخليجية لكيلا يبقى أمن دولنا وشعوبنا رهن الأهواء والمصالح الدولية وهذا وضع لا نرضاه لدولنا وشعوبنا».

وحرصاً من السعودية على المضي قُدماً بمسيرة المجلس، قدمت 4 أوراق عمل لتطوير النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي، ومن القرارات الصادرة عن اجتماعات الدورة الـ20: الاتفاق على فئات الرسوم الجمركية (سلع معفاة - سلع أساسية) بنسبة 5،5%، وسلع أخرى بنسبة 7،5%، والبدء في تطبيق الاتحاد الجمركي لدول المجلس غرة مارس 2005.

قمة جابر

في 9 ديسمبر 2006، استضافت الرياض اجتماعات الدورة الـ27 التي سُميت بـ«قمة جابر»؛ نظراً لانعقادها بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت -رحمه الله- عرفانًا بما قدّمه الفقيد من جهود في خدمة التعاون الخليجي.

وفي الاجتماع، أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- التأكيد خليجيًا على أن هذا اللقاء السنوي يمثل فرصةً لمراجعة ما أمكن تحقيقه خلال العام الماضي، وما لم يستطاع تحقيقه لسبب أو آخر، وعربيًا أن منطقتنا محاصرة بعدد من المخاطر، وكأنها أشبه بخزان مليء بالبارود ينتظر شرارة لينفجر، وليس لنا إلا أن نكون صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص، وأن يكون صوتنا صوتًا واحدًا يعبر عن الخليج كله.

مرحلة الاتحاد

في 19 ديسمبر 2011، استضافت الرياض اجتماعات الدورة الـ32 للمجلس الأعلى، وقال الملك عبدالله بن عبدالعزيز فيها «لقد علمنا التاريخ وعلمتنا التجارب ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع وحقيقة الضعف، وهذا أمر لا نقبله جميعا لأوطاننا، لذلك أطلب منكم اليوم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر إن شاء الله».

وجاءت دعوة المملكة كما بين وزير الخارجية الراحل الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- عقب القمة «تماشيًا مع النظام الأساسي للمجلس الذي ينص على تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها»، وعلى إثر ترحيب قادة الدول الأعضاء بالمقترح السعودي شُكلت هيئة بواقع 3 أعضاء من كل دولة لدراسته من مختلف جوانبه.

الدورة 36

شهدت الرياض في 9 ديسمبر 2015، بلوغ مسيرة مجلس التعاون عامها الـ36، بافتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، اجتماعات المجلس الأعلى، مبيناً أن مرور 35 عامًا من عمر المجلس وقت مناسب لتقييم الإنجازات والتطلع إلى المستقبل وما حققه المجلس، وقال «تحقيقًا لذلك فإننا على ثقة أننا سنبذل جميعاً -بحول الله- قصارى الجهد للعمل لتحقيق نتائج ملموسة لتعزيز مسيرة التعاون والترابط بين دولنا، ورفعة مكانة المجلس الدولية، وإيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية تعزز رفاهية المواطنين، والعمل وفق سياسية خارجية فاعلة تجنب دولنا الصراعات الإقليمية، وتساعد على استعادة الأمن والاستقرار لدول الجوار، واستكمال ما بدأناه من بناء منظومة دفاعية وأمنية مشتركة، بما يحمي مصالح دولنا وشعوبنا ومكتسباتها».

وأكد أن ما تمر به المنطقة من ظروف وتحديات وأطماع تستدعي من الدول الأعضاء التكاتف والعمل معًا للاستمرار في تحصين تلك الدول من الأخطار الخارجية، ومد يد العون للأشقاء لاستعادة أمنهم واستقرارهم، إلى جانب مواجهة ما تتعرض له المنطقة العربية من تحديات وحل قضاياها، وفي مقدمتها قضية فلسطين واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

وفي الملف اليمني، جدد الملك المفدى -حفظه الله- حرص دول التحالف على تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن الشقيق تحت قيادة حكومته الشرعية، مشيرًا إلى أن دول المجلس تدعم الحل السياسي ليتمكن اليمن العزيز من تجاوز أزمته ويستعيد مسيرته نحو البناء والتنمية.

وفيما يتعلق بالشأن السوري، بيّن الملك سلمان أن المملكة تستضيف المعارضة السورية دعمًا منها لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة الأراضي السورية ووفقاً لمقررات (جنيف 1)، مشددًا على دور المجتمع الدولي في محاربة التطرف والإرهاب، قائلاً إن «على دول العالم أجمع مسؤولية مشتركة في محاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه أيًا كان مصدره».

بيان

صدر عن الدورة الـ36 بيان ختامي جاء فيه «رحب المجلس الأعلى برؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، رئيس الدورة للمجلس الأعلى، بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك»، وشكر البيان خادم الحرمين الشريفين على ما ورد بالقمة من مضامين سامية لتعزيز المسيرة المباركة لمجلس التعاون ومكانته الدولية والإقليمية، واعتمد المجلس هذه الرؤية وكلف المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة والأمانة العامة بتنفيذ ما ورد بها، على أن يتم استكمال التنفيذ خلال عام 2016.

واطلع المجلس الأعلى على ما وصلت إليه المشاورات بشأن مقترح الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، ووجه المجلس الوزاري باستمرار المشاورات واستكمال دراسة الموضوع بمشاركة رئيس الهيئة المتخصصة في هذا الشأن، وفق ما نص عليه قرار المجلس الأعلى بهذا الشأن في دورته الـ33 التي عُقدت في البحرين ديسمبر 2012.

الدورة 39

في 9 ديسمبر 2018، تلبيةً لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عقد المجلس الأعلى دورته الـ39 في الرياض، وناقش تطورات العمل الخليجي المشترك، مؤكدًا أهمية الحفاظ على مكتسبات المجلس وإنجازات مسيرته التكاملية، موجهًا الأجهزة المختصة في الدول الأعضاء والأمانة العامة واللجان الوزارية والفنية بمضاعفة الجهود لتحقيق الأهداف السامية التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون.

وصدر عن القمة «إعلان الرياض» حيث جاء فيه «بعد مرور نحو 37 عامًا على تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تثبت المخاطر التي تهدد أمن واستقرار المنطقة والتحديات الاقتصادية التي تمر بها أهمية التمسك بمسيرة المجلس المباركة وتعزيز العمل الجماعي وحشد الطاقات المشتركة لمواجهة تلك المخاطر والتحديات، وتلبية تطلعات مواطني دول المجلس في تحقيق المزيد من مكتسبات التكامل الخليجي».

ندرك اليوم النظرة الثاقبة للقادة الذين تولوا تأسيس هذا المجلس في مايو 1981: حيث نص النظام الأساسي الذي أقرّه المؤسسون على أن الهدف الأسمى لمجلس التعاون هو تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.

واليوم يؤكد أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس حرصهم على الحفاظ على قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون ووحدة الصف بين أعضائه، لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة أساسها العقيدة الإسلامية والثقافة العربية والتاريخ العريق والمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمعها وتربط بين أبنائها.

قمم الرياض الخليجية

- الدورة الثانية


11 نوفمبر 1981

استعراض ردود الفعل العربية والدولية حول مبادئ السلام التي أعلنتها السعودية لحل القضية الفلسطينية.

- الدورة الثامنة

26 إلى 29 ديسمبر 1987

استعراض تطورات الحرب العراقية الإيرانية.

- الدورة الـ14

25 ديسمبر 1993

الاستماع إلى شرح عن نزاع الإمارات وإيران بشأن الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى).

- الدورة الـ20

29 نوفمبر 1999

دعوة سعودية إلى تحقيق وحدة عسكرية شاملة للمنطقة الخليجية.

- الدورة الـ27

9 ديسمبر 2006

سُميت بـ«قمة جابر» ودعت إلى مراجعة ما تحقق للمنطقة خلال عام.

- الدورة الـ32

19 ديسمبر 2011

دعوة سعودية إلى تجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد.

- الدورة 36

9 ديسمبر 2015

السعودية تدعو دول العالم إلى محاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه.

- الدورة 39

9 ديسمبر 2018

التمسك بمسيرة المجلس وتعزيز العمل الجماعي لمواجهة المخاطر والتحديات.