لم تكن الرياض أحوج إلى حدث محلي وإقليمي ودولي، كما كانت بحاجة إلى منتدى إعلامي دولي يليق بالمملكة العربية السعودية.

لا يختلف اثنان في أصقاع الأرض -لهما اطلاع يسير بالعالم الآخر- على الثقل السعودي في جوانب كثيرة، أهمها الجانب الاقتصادي والحضور السياسي وقبلهما المكانة الروحية. ورغم هذه المعطيات الجوهرية الثلاثة، إلا أن الحضور الإعلامي السعودي على المستوى الدولي ضعيف، بل وأقل من الضعيف.

لهذا، فإن الشعور العام لدى كثير من السعوديين يتفق على تقصيرنا الكبير في جناب الوطن، فيما يخص الجانب الإعلامي، على المستويين: الفردي والمؤسسي.

أجزم بأنه لو كان هذا الوزن الدولي لبلدٍ ما كما هو لبلدنا، لتمت مجاراته إعلاميا بما يستحق، سيما أن المملكة أصبحت في المقدمة بفضل المشروعات الجديدة التي تم تدشينها خلال الفترة الماضية، علاوة على أن السعودية هي الأولى عالميا والأكثر تقدما وإصلاحا، حسب تقرير البنك الدولي مؤخرا.

جاء منتدى الإعلام السعودي محاولا تصحيح جزء يسير مما يمكن تصحيحه في ضعفنا الإعلامي، ليمنحنا الأمل بأن يكون علامة فارقة في خارطة الإعلام العربي والدولي، خلال استضافته شخصيات وقنوات إعلامية عربية ودولية، وتسليط الضوء على ما يجري من قفزات سعودية هائلة، وبوصلة تطور مميزة نحو الاتجاه الصحيح.

صناعة الإعلام فنّ وعلم يجب الاهتمام به، ومثل هذه المؤتمرات سيكون لها دور بالغ في إيصال حراكنا المحلي. فالسعودية والسعوديون لديهم إنجازات فريدة وقصص استثنائية في النجاحات والتحول الجذري، والتي يجب أن تترجم إلى أعمال إعلامية وفنية، لتصل إلى العالم الآخر.

أحد المشاركين الكرام في المنتدى تحدث عن تحفظه على مسمى «السعودية الجديدة»، ورأى هو أن الوضع الحالي يعبر عن «السعودية الحقيقية» وليس السعودية الجديدة، في إشارة منه إلى أن الصورة الحالية تعكس ما كانت عليه بلادنا وشعبها من اعتدال ووسطية في الطرح العقدي والفكري والسلوكي، قبل أن تجتاحنا لوثة التشدد والغلو.

كان هذا الأمر -السعودية الحقيقية- هو محور حديثي مع أحد ضيوف المنتدى الذي سأل عما يجري هنا، فأجبته بأننا ننفض عن بلدنا غبار التطرف، ونزيل الصدأ الذي تشكل على السطح، لنعود إلى معدننا الأصيل دون المساس بثوابتنا الدينية وثقافتنا المجتمعية. حدثته ومن معه بأن الأمر لا يعدو إلا أن يكون آراء فقهية محترمة، والمتلقي له الخيار دون الإلزام بمذهب معين كما هو الحال سالف الأمر.

كان منتدى الإعلام السعودي إضافة مهمة جدا إلى المنتديات الدولية التي شهدتها الرياض مؤخرا، كـ«منتدى مسك العالمي، ومنتدى أسبار الدولي»، والتي هي بالفعل مكسب حقيقي لنا، لما تضيفه هذه المنتديات لبلادنا خلال استضافة شخصيات وكيانات دولية لتسليط الضوء على حقيقة الداخل المحلي، ووضع بلادنا على خارطة المستهدف الأول للفرص الاستثمارية، سيما أن المملكة من أكبر الدول عالميا في مجالات الاستثمار والتجارة الإلكترونية وكذلك الإنفاق السياحي.