أعجبني المقطع المصور لسمو الأمير تركي بن طلال أمير منطقة عسير، حينما كان جالسا في مجلس أرضي ومتواضع، في ضيافة أحد المواطنين، وبلا مشلح وبكل بساطة، وحينما قال المتحدث: «نفتخر بولاة أمرنا الذين «ينزلون» إلى رعاياهم»، فقاطعه سموه وقال: «يرتقون لرعاياهم»، وهذه اللفتة العفوية لها مدلول كبير وأثر عظيم في نفوس الناس. ومع أن النزول مفهوم إلا أن الارتقاء من باب الاحترام والتقدير، وهذا الذي نحتاجه، لا سيما اليوم، في ظل تطورات الواقع وتغيرات العالم، مما يعزز اللحمة الوطنية والعلاقة بين الراعي والرعية، إذ إن الزيارات البسيطة والكلمات العفوية لها عظيم الأثر، بعيدا عن الرسميات والطبقيات التي تصنع الفجوة، بدلا من أن تعزز العلاقة.

وهنا أتذكر حديث البخاري -رحمه الله- أن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال «بينما نحن جلوس مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في المسجد، دخل رجل على جمل، فأناخه في المسجد ثم عقله، ثم قال لهم: «أيكم محمد؟» والنبي متكئ بين ظهرانيهم»، فهو يسأل عنه لأنه لم يعرفه من قبل، ولا يرى شيئا يميزه عمن حوله، من مجلس أو ملبس أو هيئة، وهذا نبينا وقدوتنا ما زاده تواضعه إلا حبّاً له وعلوّا في قدره.

في حين نجد بعض كبار المسؤولين -فضلا عن صغارهم- يغترون بمناصبهم ويتعالون على الناس، فما زادهم هذا إلا نزولا في النفوس الكريمة.