أغلق المتظاهرون في العاصمة العراقية بغداد، أمس، جسر الجمهورية الذي يصل إلى المنطقة الخضراء، تفاديا لوقوع أي حالات اندفاع باتجاه المنطقة، وحصر التظاهرات في الساحة فقط، فيما توافد أبناء بعض المحافظات الجنوبية باتجاه العاصمة للمشاركة في التظاهرة المليونية الحاشدة.

وتشهد العاصمة العراقية انتشارا أمنيا مكثفا منذ مساء الإثنين، استعدادا للتظاهرة المليونية المتوقعة، فقد انتشرت قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية عند مداخل العاصمة والشوارع الرئيسية، كما اتخذت إجراءات أمنية مشددة قرب المراكز الرئيسية، ونصبت حواجز تفتيش وتدقيق.

وأكد المتظاهرون أنهم سيقومون بمنع أي محاولة لدخول الخضراء، والتي من شأنها إعطاء ذريعة للسلطة في قمع الاحتجاج السلمي، وشددوا على أنه «لا توجد أي مصلحة في دخول المنطقة الخضراء، لأنها تحتوي على سفارات عالمية ومنظمات أممية قد تطالها أيدي المندسين».

عشائر العراق

لطالما كانت العشائر في العراق عامل توازن بين الشارع والسلطة على امتداد العقود، ولكن حين تغيب الدولة، وتسيل الدماء في احتجاجات مناهضة للسلطة في البلاد، يعود كلّ عراقي إلى عشيرته التي ترفع شعارها: «نحن أولياء الدم»، حيث أسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر من 450 شخصا وإصابة أكثر من عشرين ألفا بجروح.

ويقول الشيخ قيصر الحسيناوي من عشيرة الحسينات في الناصرية «العشائر هي التي أسهمت في إيجاد حلول للأزمة، والسياسيون لم يتحركوا»، فيما قدمت مئة عائلة بالفعل شكوى ضد اللواء جميل الشمري الذي قاد عملية القمع في الناصرية، وحظيت تلك العائلات بدعم العشائر.

قوة العشائر

ولا تزال العشائر حتى اليوم تتدخل للحد من العنف، رغم أن لها تاريخا طويلا في المقاومة، خصوصا في عام 1920 عندما كان لها دور حاسم في الاستقلال ضد الاستعمار البريطاني، وصار ذلك نقطة قوة للعشائر في تعزيز مكاسبها السياسية والاقتصادية.

ويرى الباحث في مركز «اي نيو أميركان سيكيوريتي» نيكولاس هيراس أن العشائر اليوم تسعى إلى إعادة التفاوض على «العقد الاجتماعي».

ففي مدينة البصرة النفطية الواقعة إلى أقصى جنوب العراق، تتظاهر العشائر بشكل روتيني بسلاحها، الثقيل أحيانا، للحصول على وظائف وعمولات من شركات النفط، عراقية كانت أم أجنبية، لكن الأزمة هذه المرة أعمق بكثير.