في إحدى رسومات الكاريكاتير التي انتشرت مؤخرا، يظهر أحد المقاولين يضع اللمسات النهائية لطريق أسفلتي قبل افتتاحه للعامة، ويظهر خلفه مقاول آخر يقف منتظرا بـ«حفار» ويقول لمقاول الطريق: «لو انتهيت أبلغنا لنقوم بحفر الطريق ونمد كابلات».

بالتأكيد، إنه ليس هذا الحال في الكاركاتير فقط، إذ تجد أن غالب الطرق الأسفلتية التي تم افتتاحها مؤخرا، تم فتح بطنها من جديد، من جرّاح غير ماهر، إلا في عملية الشقوق والفتوحات، أما الخياطة وإعادة تجميل مكان العملية، فهذا «ليس شغله».

وما إن تبدأ مركبتك بمراقصتك رقصة «السامري»، حتى تبدأ التدقيق في تفاصيل سبب الرقصة، فتجده خندقا وسط هذا الطريق، لمد مشروع «تصريف السيول»، وخلال إغلاق جوف الطريق، وصل مقاول الاتصالات من عند «أهله» فقرر أن يشق الطريق مرة أخرى من مكان ملاصق لمشروع التصريف. وما إن يبدأ طريقنا المسفلت بالاستفاقة من آثار عملية الشق المعوي الثانية، حتى تقرر شركة المياه أن تمد مرحلتها الثالثة من تمديداتها، بعد أن تم دعمها مادّيا، وبعد أن أغلقت حفر المرحلة الثانية ولم تتركها مفتوحة، لأن المرحلة الثالثة تتم تغطيتها من الميزانية المقبلة، وسبب تأخر هذه الميزانية أن

«الخرتيت يتغذى في كوالالمبور على نبتة تزرع في كوستاريكا، فتتأخر البواخر في نقلها».

المهم، أن كل مقاول لديه «لِسْتَة» من المخارج والمداخل، كي يجعلك تتمنى أن يغلق فمه، ويستمر في الحفر حفاظا على أذنيك من الحكي المكرر في مضمونه، والمتطور والمتجدد في تغليفه.

المهم، عزيزي قائد المركبة أنت ومركبتك من «ستبلعونها وتسكتون»، لأنكم لستم متفرغين «لوجع الرأس»، والسبب بسيط جدا، أن المسؤول إذا حلّ بمنطقة ما، يبدأ يفكر كيف يعرفه كل من هنا، بأنه شخص جاد، و«ما لها حل» إلا أن ينفذ حزمة من المشاريع، وحتى لا تتعطل هذه الحزمة فلن يكون هناك تنسيق بين الجهات الأخرى، فقط كلها «كم حفرة والسلام».

وما إن يبدأ التنفيذ على أرض الواقع حتى تظهر العقبات، وتبدأ الميزانية المخصصة لهذا المشروع في النفاد، ويبدأ هذا المسؤول بسياسة الحوار مع الجهات الأخرى لحل المشكلة بعد وقوعها، وفي الأخير تصل هذه الحوارات والمحادثات إلى حل مكرر في غالب المشاريع التي لا تدرس من كل الجهات قبل تنفيذها، وهو «كل واحد يصلح سيارته».

ما إن تبدأ جراح هذا الشارع «تنطمر»، حتى يأتي مسؤول جديد ويعقد اجتماعا لوضع خطته العاجلة لتطوير مدينته، وخلاصة هذه الخطة مماثلة لخطة ناصر القصبي في طاش ما طاش، حينما رشح نفسه للمجلس البلدي ووضع خطة كان عنوانها، «نحفر نحفر نحفر.. نردم نردم نردم»، ويأتي المسؤول الذي يليه ليبدأ خطة أخرى عنوانها موازٍ للخطة الأولى ومعاكسا لها في الاتجاه، تحت شعار «نردم نردم نردم.. نحفر نحفر نحفر».