دعا الإسلام المسلمين إلى تبادل الهدايا حفاظا على أواصر الود والمحبة بينهم كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه:

(تهادوا تحابوا)..

والمعروف أن الشخص عندما يفكر بالإهداء فإنه يأخذ كامل وقته في اختيار الهدية ونوعها وقيمتها وتغليفها وكيفية تقديمها واختيار المناسبة، وقبل ذلك كله تحديد الطرف المُهدى إليه..

فالتهادي بين الناس فعل واع تماما ويسبقه التفكير والتحديد والتخطيط..

‏لكن هل تعلم عزيزي القارئ أن هناك هدايا بالخطأ؟!

‏بمعنى أن يهدي الإنسان للآخر هدية عن غير قصد!؟

‏بل وقد يقدم بعضهم اعتذاره وأسفه للمهدى له إن اُكتشف على هديته غير المقصودة..!!

‏تزوجت هدى من قريبها الذي يسكن في منطقة بعيدة جدا عن أهلها، وكان خيالها عامرا بتفاصيل بيت العمر، وعلى امتداد الطريق كان بالها مشغولا بالتحسينات التي ستضيفها على زوايا الشقة مستعينة بذوقها الفني الرفيع بعد أن كانت محرومة من ممارسة هذا الشغف في بيت أهلها الصغير والمكتظ بالسكان.

لكنها تفاجأت أن زوجها لا يملك منزلا خاصا، وأنه يتوجب عليها السكن مع والديه وأخته مؤقتا ريثما يبحث عن عمل إضافي لزيادة دخله واستئجار بيت، لا شك أنها صُعقت في البداية، لكنها استعانت بالله على مهمتها الجديدة.. بانتظار الغد الأجمل.

غير أن الأمد طال بها وهي تنتظر الفرج، وعاشت أياما صعبة ومواقف مؤلمة وجارحة، لكنها قررت رغم كل ذلك أن تعيش حياتها بسعادة متجاهلة كل ما ينغص عليها صفو الحياة، ساعدها في ذلك روحها المشعة وشخصيتها المرحة، فانعكس ذلك على سلوكها مع أسرة زوجها، حيث كانت تخدمهم بحب وتعيش أيامها معهم بكامل الذوق والاحترام.. مما جعل الأخت تظن أن هدى من النوع الذي يحب بيت العائلة ويبغض الاستقلالية، واعتقدت - خطأ - أن وجودها ووالديها في حياة هدى السبب في هذه السعادة التي تغمرها والراحة النفسية التي تتمتع بها، فعز عليها ذلك، وقررت أن تضع حدا لذلك، فأقنعت والديها أن وجود هدى بينهم أمر له مساوئه الكثيرة، وأنها باتت خطرا يهدد استقرار الأسرة وخصوصيتها، وأنه ينبغي أن تغادر بيت العائلة فورا، فاجتمع الوالدان بابنهم ونقلا له رغبتهما في مغادرة الزوجة لأسوار المنزل رغم أنه لم يظهر منها أي سوء، وأسرا له أن هذه هي رغبة الأخت ذات النفوذ الواسع في المنزل، وأن أي تأخير في التنفيذ قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها..فاستجاب الابن فورا وقام باستئجار شقة جميلة لزوجته حيث عاشت حياتها الخاصة التي كانت تحلم بها منذ ليلة زواجها الأولى.

‏هدى حتى هذه اللحظة تدين بالمعروف لأخت الزوج على هديتها التي لا تقدر بثمن، والتي تعيش بسببها حلمها الجميل الذي ظنته أصبح مستحيلا..

أما أحمد الشاب الجامعي الذي تجاوز وزنه 150 كجم فقد سمع بطريق الصدفة صديقه الغالي جدا يسخر من حجمه أمام مجموعة من الشباب ويستفتيهم في طريقة تمكنه من التخلص من رفقة هذه الدبابة البشرية على حد تعبيره.. وكان ذلك اليوم كافيا ليتألم أحمد ويبكي بحرقة، أما اليوم التالي فقد كان بداية مشواره للتخلص من وزنه الزائد ولم يتوقف حتى أصبح جسمه أكثر رشاقة من جسم صديقه الساخر، الذي سرعان ما تدارك الأمر، وقدم اعتذارا حارا عن هديته الجارحة.. لكن أحمد رفض قبول الاعتذار، لأنه تقبل الهدية بصدر رحب، وكانت أغلى هدية يحصل عليها على الإطلاق، بل كانت نقطة التحول التي غيرت مسار حياته بالكامل.

‏والآن:

‏أخبروني أنتم كم مرة تلقيتم هدايا بالخطأ؟!